637
حكم النّبيّ الأعظم ج3

اللّه صلى الله عليه و آله في هذا الصدد:
ما يُصيبُ المُؤمِنَ مِن وَصَبٍ ، ولا نَصَبٍ ، ولا سَقَمٍ ، ولا حَزَنٍ ؛ حتّى الهَمِّ يُهَمُّهُ ، إلّا كُفِّرَ بِهِ مِن سَيِّئاتِهِ .۱
وبناء على ذلك ، فإنّ مصائب الحياة ومشاكلها بالنسبة إلى الأشخاص الذين يبتلون أحيانا برجس الذنوب، ليس تحذيرا وتوعية وحسب ، بل هي لإزالة الغشاوات الّتي توجدها الذنوب في نفوسهم أيضا ، وبذلك تزول موانع الانتفاع من العبادات في طريق سيرهم باتّجاه الكمال المعنويّ والروحيّ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
الحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ تَمحيصَ ذُنوبِ شيعَتِنا فِي الدُّنيا بِمِحَنِهِم ، لِتَسلَمَ بِها طاعاتُهُم ويَستَحِقّوا عَلَيها ثَوابَها .۲
وعلى هذا الأساس، فإنّ مصائب الحياة تعدّ من النعم الإلهيّة الكبرى لأهل الإيمان ، كما روي عن الإمام موسى بن جعفر عليه السلام :
للّهِِ فِي السَّرّاءِ نِعمَةُ التَّفَضُّلِ ، وفِي الضَّرّاءِ نِعمَةُ التَّطَهُّرِ .۳

2 . المصائب البنّاءة

الهدف والحكمة من بعض شرور الحياة ومصائبها وبلاياها، اختبار الإنسان وبناؤه، حيث يصرّح القرآن الكريم أنّ الإنسان يمحَّص من خلال «الشرّ» و«الخير»:
«وَ نَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَ الْخَيْرِ فِتْنَةً» . ۴
و« الشرّ » يشمل أنواع المصائب ، والأمراض والمشاكل في الحياة ، و« الخير »

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۶ ح ۶۴۴۰ ، تحف العقول : ص ۳۸ ، بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۱۴۲ ح ۲۹ .

2.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۶ ح ۶۴۵۲ .

3.راجع : موسوعة العقائد الإسلاميّة : ج ۶ ح ۶۴۵۳ .

4.الأنبياء : ۳۵ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
636

ويبّين القرآن الكريم، دور مشاكل الحياة في توعية الناس قائلاً:
«ظَهَرَ الْفَسَادُ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِى النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِى عَمِلُواْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ» . ۱
حيث ترى هذه الآية الكريمة أنّ سبب مظاهر الفساد الّتي تحدث في الكرة الأرضيّة (برّها وبحرها)، والمشاكل الناجمة عنها هو سيّئات أفعال الناس ، والهدف منها تحذير المجتمعات المبتلاة بالخطايا وتوعيتها وتأديبها وتربيتها ، وقد تمّ التأكيد على هذا المعنى في آيات اُخرى أيضا . ۲
كما روي عن الإمام عليّ عليه السلام حول الدور التربوي للمشاكل الّتي تواجه الإنسان في حياته :
إنَّ اللّهَ يَبتَلي عِبادَهُ عِندَ الأَعمالِ السَّيِّئَةِ بِنَقصِ الثَّمَراتِ ، وحَبسِ البَرَكاتِ ، وإغلاقِ خَزائِنِ الخَيراتِ ، لِيَتوبَ تائِبٌ ، ويُقلِعَ مُقلِعٌ ، ويَتَذَكَّرَ مُتَذَكِّرٌ ، ويَزدَجِرَ مُزدَجِرٌ .۳

ج ـ التمحيص

يمثّل تمحيص الإنسان وتطهيره من الذنوب حكمة اُخرى من حكم مصائب الحياة ومشاكلها ؛ فإنّ العمل السيّئ يلوّث روح الإنسان ويدنّس قلبه :
«كَلَا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُواْ يَكْسِبُونَ» . ۴
وبلايا الحياة ومصائبها، هي من عوامل جلاء صدأ الذنوب وتطهير النفس من أرجاسها، فروح الإنسان تتطهّر وتصفو في بوتقة المصائب، وقد روي عن رسول

1.الروم: ۴۱ .

2.راجع : السجدة : ۲۱ ، الأعراف : ۹۴ و ۱۳۰ ، المؤمنون : ۷۶ .

3.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية : ج ۶ ح ۶۴۱۶ .

4.المطففين : ۱۴ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155827
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي