509
حكم النّبيّ الأعظم ج3

على الدوام فئة تدعو الناس إلى مطلق الخير وضروب البرّ والإحسان ، وتأمر بالتزام مطلق «المعروف» ، كما تنهى عن مطلق «الشرّ» وضروب السيّئات وألوان الإثم وتردع عن مطلق «المنكر».
النقطة الجديرة بالانتباه ، أنّ القرآن الكريم سمّى الخير وضروب المكارم والإحسان معروفا ، وفي المقابل سمّى الشرور والسيّئات منكرا ؛ ممّا يعني أنّ الفطرة الإنسانية السليمة تعرف الخير وتسكن إليه وتألفه ، على حين هي غريبة عن الشرّ. ۱
ثمّ هاهنا نقطة اُخرى تتمثّل في أنّ جميع معالم الإسلام العقيدية وبرامجه الأخلاقية وخططه العملية ، تنتظم في إطار الخير والمعروف ، وأنّ جميع ما يرفضه الإسلام وينكره يقع في إطار الشرّ والمنكر ، ومن ثَمَّ ستكون أقصر كلمة في تعريف الإسلام، هي القول بأنّه : دعوة إلى المكارم وزجر عن السيّئات .

الدعوة إلى مطلق الإحسان

تنطوي كلمة الإحسان في منظور الرؤية القرآنيّة والحديثية على معنىً واسع يمتدّ ليشمل الخير في جميع المضامير والمجالات ۲ ، والإسلام بدوره دعا المجتمع الإنساني إلى مطلق ألوان الخير وضروب البرّ كافّة :
«إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَـنِ» . ۳
ومن منظور الإمام عليّ عليه السلام كلّ ما يُطلق عليه «معروف» ينطبق عليه لفظ «الإحسان» أيضا : «كُلُّ مَعرُوفٍ إحسانٌ».۴

1.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأوّل : معرفة الخير/ هامش ح۱) .

2.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير : ح۴۳ ـ ۵۰) .

3.النحل : ۹۰ .

4.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأول : معرفة الخير/ هامش ح۱ و ح۴۷).


حكم النّبيّ الأعظم ج3
508

هذه الهداية ، هي هداية الفطرة التي عبّر عنها القرآن في آية اُخرى ب «الإلهام» حيث قوله سبحانه :
«وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا » . ۱
إنّ إلهام التقوى هو تعبير عن الهداية الفطرية نفسها الدالّة على معرفة طريق الخير ، كما أنّ إلهام الفجور هو بنفسه تعبير عن معرفة الشرّ . فاللّه سبحانه خلق الإنسان على نحو يستطيع معه أن يميّز الخير والشرّ ، والتقوى والفجور ، ومن ثَمَّ ما من إنسان إلّا وهو يعرف أنّ العدل حَسن وخير ، وأنّ الظلم قبيح وشرّ ؛ وأنّ الإحسان إلى الآخرين خير ، والعدوان على حقوق الناس شرّ.
لو سُلب الإنسان هذه المعرفة وخلّي بينه وبين هذا الوعي ، لكان ذلك ـ في الواقع ـ سلبا لإنسانيّته ، بحيث يغدو بمنزلة البهيمة لا فرق بينه وبين سائر الحيوانات . من هذا المنطلق جاء عن الإمام عليّ عليه السلام قوله :
مَن لَم يَعرِفِ الخَيرَ مِنَ الشَّرِّ فَهُوَ بِمَنزِلَةِ البَهيمَةِ .۲

الدعوة إلى مطلق الخير والمعروف

استنادا إلى فطرية الخير وبداهة معاني المعروف والبرّ والإحسان ، تبنّى القرآن الكريم دعوة الناس إلى هذه المعاني على نحو مطلق ومن دون أي قيد أو شرط :
«وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ » . ۳
أمر اللّه سبحانه ، بموجب هذه الآية الكريمة ، أن تكون بين المسلمين

1.الشمس : ۷ و ۸ .

2.راجع : الخير والبركة في الكتاب والسنة : (القسم الأوّل/ الفصل الأوّل : معرفة الخير : ح۲) .

3.آل عمران : ۱۰۴ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155770
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي