43
حكم النّبيّ الأعظم ج3

تقويم سند الرواية

أ ـ يعتبر موطأ مالك أهم مصدر للنصّ «كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ» حيث نقل هذه الرواية بشكلٍ مرسل . ونظرا لعدم رواية أصحاب الصحاح الستّة لها من جانب، وروايتها عبارة «كِتابَ اللّهِ وعِترَتي» كما في صحيح مسلم والترمذي والنسائي والدارمي ومسند ابن حنبل من جانب آخر ، فإنّ ما جاء في الموطأ لا يتمتّع بالاعتبار اللّازم .
ب ـ نقل الحاكم النيسابوري الرواية المذكورة بطريقين ، كلاهما مشتمل على بعض الضعاف ، ويعدّ صالح بن موسى الطلحي وإسماعيل بن أبي أويس من رواة هذا النصّ ، وقد نسب علماء رجال أهل السنّة الضعف إليهما ، وأنكروهما بشدّة . فوصفوا صالح بن موسى بأنّه ضعيف الحديث جدّا ، متروك الحديث ، يروي المناكير ، وما إلى ذلك . ۱
بالإضافة إلى ذلك فإنّه ليس من رجال البخاري ومسلم ، وقد جاء حديثه خطأً في كتاب المستدرك على الصحيحين . نعم إسماعيل بن أبي أويس من رجال مسلم ولكنّه ضعّف بشدة وبكثرة ، فقد قيل في حقّه : مخلّط ، كذّاب ، ليس بشيء ، كان يضع الحديث ، يسرق الحديث ، وغير ذلك ، وقد نُقل عنه قوله : «ربما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء بينهم» . ۲
وقد ورد هذان الرجلان في جميع أسانيد الرواية التي ورد فيها «كِتابَ اللّهِ وَسُنَّتي» وبذلك سلبا الاعتبار منها .
ج ـ اعتبر الحاكم النيسابوري هذه الرواية صحيحة ، ولكنّه ذكر أنّ لفظ «السنّة» غريب وقال : «هذا الحديث لخطبة النبيّ متّفق على إخراجه في الصحيح «يا أيُّها النَّاسُ ، إنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما لَن تَضِلُّوا بَعدَهُ إن اعتَصَمتُم بِهِ ؛ كِتابَ اللّهِ وأنتُم مَسؤولونَ عَنهُ» ،

1.راجع : تهذيب التهذيب : ج ۳ ص ۵۳۵ .

2.تهذيب التهذيب : ج ۱ ص ۲۵۷ .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
42

وهكذا فإنّ الموالين الحقيقيين والمتمسّكين بأهل البيت في عصر الغيبة لهم ثواب ألف شهيد كشهداء بدر وأحد ۱ . ۲

ثامنا : دراسة رواية اُخرى لحديث الثّقلين

في مقابل النصّ المتواتر لحديث الثّقلين الّذي أوصى فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله الاُمّة بالتمسّك بالقرآن والعترة ، جاء في بعض المصادر الحديثية لفظ «السنّة» بدلاً من «العترة» ، كما نقل ذلك مالك في الموطأ برواية مرسلة عن النبيّ صلى الله عليه و آله :
تَرَكتُ فيكُم أمرَينِ لَن تَضِلُّوا ما مَسَكتُم بِهِما ؛ كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ .۳
وذكر الحاكم في مستدركه هذه الرواية كالتالي :
يا أيُّهَا النَّاسُ ، إنِّي قَد تَرَكتُ فيكُم ما إن اعتَصَمتُم بِهِ فَلَن تَضِلُّوا أبَدا ؛ كِتابَ اللّهِ وسُنَّةَ نَبِيِّهِ .۴
ونظرا إلى عدم التجانس بين هذين النصّين وبين الرواية المشهورة لحديث الثّقلين فإنّ من الضروري تقويمهما من ناحيتي السند والدلالة .

1.راجع : كمال الدين : ص ۳۲۳ ح ۷ ، اعلام الورى : ج ۲ ص ۲۳۲ ، كشف الغمّة : ج ۳ ص ۳۱۲ .

2.شبهة : على هذا الفرض يمكن القول بأنّ المراد من التمسّك ، اتّباع السنّة ونهج أهل البيت عليهم السلام ، وعلى هذا فإنّنا سوف لا نكون محتاجين إلى حضور أهل البيت في المجتمع . جوابها : هذا الكلام يعني التمسّك بالسنّة لا التمسّك بالعترة . في حين أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله أوصى صراحةً بالتمسّك بالعترة وذكّر به . إن التمسّك بالسنّة في عصر الغيبة واتّباع نواب الأئمّة عليهم السلام إنّما هو من جهة أنّ الارتباط بالإمام الغائب عليه السلام واتّباعه دون واسطة متعذّر في هذا العصر . وعلى هذا فليس هناك من سبيل سوى الأخذ بهذه الطريقة .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج۴ (الإمامة / الفصل الثاني عشر/ مواضع صدور حديث الثقلين / آخر خطبة خطبا النبيّ) .

4.المستدرك على الصحيحين : ج ۱ ص ۱۷۱ ح ۳۱۸ ، السنن الكبرى : ج ۱۰ ص ۱۹۴ ح ۲۰۳۳ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155830
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي