351
حكم النّبيّ الأعظم ج3

يَرُدُّ عَلَيكَ الدِّرهَمَينِ اللَّذَينِ دَفَعتَهُما إلَيهِ ، فَإِنَّ أمرَهُ سَيَصيرُ إلَى الحالَةِ الَّتي كانَ عَلَيها أوَّلاً .
قالَ : فَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَمَرَّ بِسَعدٍ ، فَقالَ لَهُ : يا سَعدُ ، أما تُريدُ أن تَرُدَّ عَلَيَّ الدِّرهَمَينِ اللَّذَينِ أعطَيتُكَهُما؟ فَقالَ سَعدٌ : بَلى ومِئَتَينِ .
فَقالَ لَهُ : لَستُ اُريدُ مِنكَ يا سَعدُ إلَا الدِّرهَمَينِ ، فَأَعطاهُ سَعدٌ دِرهَمَينِ .
قالَ : فَأَدبَرَتِ الدُّنيا عَلى سَعدٍ حَتّى ذَهَبَ ما كانَ جَمَعَ ، وعادَ إلى حالِهِ الَّتي كانَ عَلَيها. ۱

ل ـ القُعودُ عَنِ الجِهادِ

الكتاب

« يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَْرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَوةِ الدُّنْيَا مِنَ الأَْخِرَةِ فَمَا مَتَـعُ الْحَيَوةِ الدُّنْيَا فِى الأَْخِرَةِ إِلَا قَلِيلٌ » . ۲

الحديث

۴۰۳۱.مسند ابن حنبل عن أبي هريرة :سَمِعتُ رَسولَ اللّه صلى الله عليه و آله يَقولُ لِثَوبانَ : كَيفَ أنتَ يا ثَوبانُ إذا تَداعَت عَلَيكُمُ الاُمَمُ كَتَداعيكُم عَلى قَصعَةِ الطَّعامِ يُصيبونَ ۳ مِنهُ؟
قالَ ثَوبانُ : بِأَبي واُمّي يا رَسولَ اللّهِ أمِن قِلَّةٍ بِنا؟
قالَ : لا ، أنتُم يَومَئِذٍ كَثيرٌ ، ولكِن يُلقى في قُلوبِكُمُ الوَهنُ . ۴
قالوا : ومَا الوَهنُ يا رَسولَ اللّهِ؟

1.الكافي : ج ۵ ص ۳۱۲ ح ۳۸ عن أبي بصير ، بحار الأنوار : ج ۲۲ ص ۱۲۲ ح ۹۲ .

2.التوبة : ۳۸.

3.كذا في المصدر ، وفي كنز العمّال : ج ۳ ص ۲۳۵ ح ۶۳۱۹ «تصيبون» ، وهو المناسب للسياق .

4.الوَهْنُ : الضُّعف (الصحاح : ج ۶ ص ۲۲۱۵ «وهن») .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
350

فَقالَ لَهُ : فَهاكَ هذَينِ الدِّرهَمَينِ فَأَعطِهِما إيّاهُ ومُرهُ أن يَتَّجِرَ بِهِما .
قالَ : فَأَخَذَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ثُمَّ خَرَجَ إلى صَلاةِ الظُّهرِ ، وسَعدٌ قائِمٌ عَلى بابِ حُجُراتِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَنتَظِرُهُ ، فَلَمّا رَآهُ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قالَ : يا سَعدُ ، أتُحسِنُ التِّجارَةَ؟
فَقالَ لَهُ سَعدٌ : وَاللّهِ ما أصبَحتُ أملِكُ مالاً أتَّجِرُ بِهِ! فَأَعطاهُ النَّبِي صلى الله عليه و آله الدِّرهَمَينِ ، وقالَ لَهُ : اِتَّجِر بِهِما وتَصَرَّف لِرِزقِ اللّهِ. فَأَخَذَهُما سَعدٌ ومَضى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله حَتّى صَلّى مَعَهُ الظُّهرَ وَالعَصرَ ، فَقالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه و آله : قُم فَاطلُبِ الرِّزقَ ، فَقَد كُنتُ بِحالِكَ مُغتَمّا يا سَعدُ .
قالَ : فَأَقبَلَ سَعدٌ لا يَشتَري بِدِرهَمٍ شَيئا إلّا باعَهُ بِدِرهَمَينِ ولا يَشتَري شَيئا بِدِرهَمَينِ إلّا باعَهُ بِأَربَعَةِ دَراهِمَ ، فَأَقبَلَتِ الدُّنيا عَلى سَعدٍ فَكَثُرَ مَتاعُهُ ومالُهُ وعَظُمَت تِجارَتُهُ ، فَاتَّخَذَ عَلى بابِ المَسجِدِ مَوضِعا وجَلَسَ فيهِ فَجَمَعَ تِجارَتَهُ إلَيهِ ، وكانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذا أقامَ بِلالٌ لِلصَّلاةِ يَخرُجُ وسَعدٌ مَشغولٌ بِالدُّنيا ، لَم يَتَطَهَّر ولَم يَتَهَيَّأ كَما كانَ يَفعَلُ قَبلَ أن يَتَشاغَلَ بِالدُّنيا، فَكانَ النَّبِي صلى الله عليه و آله يَقولُ: يا سَعدُ ، شَغَلَتكَ الدُّنيا عَنِ الصَّلاةِ! فَكانَ يَقولُ : ما أصنَعُ ، اُضَيِّعُ مالي؟! هذا رَجُلٌ قَد بِعتُهُ فَاُريدُ أن أستَوفِيَ مِنهُ ، وهذا رَجُلٌ قَدِ اشتَرَيتُ مِنهُ فاُريدُ أن اُوَفِّيَهُ .
قالَ : فَدَخَلَ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن أمرِ سَعدٍ غَمٌّ أشَدُّ مِن غَمِّهِ بِفَقرِهِ ، فَهَبَطَ عَلَيهِ جَبرَئيلُ عليه السلام ، فَقالَ : يا مُحَمَّدُ ، إنَّ اللّهَ قَد عَلِمَ غَمَّكَ بِسَعدٍ ، فَأَيُّما أحَبُّ إلَيكَ، حالُهُ الاُولى أو حالُهُ هذِهِ؟
فَقالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عليه و آله : يا جَبرَئيلُ ، بَل حالُهُ الاُولى ، قَد أذهَبَت ۱ دُنياهُ بِآخِرَتِهِ .
فَقالَ لَهُ جَبرَئيلُ عليه السلام : إنَّ حُبَّ الدُّنيا وَالأَموالِ فِتنَةٌ ومَشغَلَةٌ عَنِ الآخِرَةِ ، قُل لِسَعدٍ

1.ذهَبَ بِهِ وأذهَبَهُ غيرُه : أزالَهُ . ويُقال : أذهَبَ به . . . وهو قليل (لسان العرب : ج۱ ص۴۹۳ «ذهب») .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155852
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي