35
حكم النّبيّ الأعظم ج3

ويؤكّد عَزَّ من قائل في قوله :
«لا يَأْتِيهِ الْبَـطِـلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لَا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِّنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» . ۱
والرسالة الواضحة للتلازم بين أهل البيت والقرآن في حديث الثّقلين هي عصمة أهل البيت عليهم السلام ، للأسباب التالية :
أوّلاً : إنّ أمر النبيّ صلى الله عليه و آله القاضي بالتمسّك بأهل البيت إلى جانب القرآن يعني وجوب طاعتهم ، فإذا لم يكن أهل البيت معصومين من الخطأ كالقرآن ، فلا مبرّر لوجوب طاعتهم .
روي عن الإمام عليّ عليه السلام في إيضاح هذا الدليل وفيما يتعلّق بوجوب طاعة اُولي الأمر قوله :
إنَّما أمَرَ بِطاعَةِ أولي الأمر۲لأنَّهُم مَعصومونَ مُطَهَّرونَ ، لا يَأمرونَ بِمَعصِيَةٍ .۳
ثانيا : إنّ عدم عصمة أهل البيت عن الخطأ ، يخلّ بارتباطهم بالقرآن ، في حين أنّ حديث الثّقلين أعلن بصراحة الترابط الوثيق بين القرآن وأهل البيت وعدم افتراقهما . وبهذا الشأن يقول الشيخ المفيد :
وذلك موجب لعصمتهم من الآثام ومانع من تعلّق السهو بهم والنسيان ؛ إذ لو وقع منهم عصيان أو سهو في الأحكام لفارقوا به القرآن فيما ضمّنه البرهان .۴
وبناءً على ذلك ، فإنّ حديث الثّقلين دليل آخر على عصمة أهل البيت من الذنوب والأخطاء إلى جانب آية التطهير. كما أنّ الأحاديث الدالّة على طهارة أهل البيت تدلّ على عصمتهم أيضا . ۵

1.فصّلت : ۴۲ .

2.يشير إلى الآية «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ» (النساء : ۵۹) .

3.الخصال : ص ۱۳۹ ح ۱۵۸ ، علل الشرائع : ص ۱۲۳ ح ۱ .

4.المسائل الجاروديّة : ص ۴۲ .

5.راجع: أهل البيت فيالكتاب والسنّة : (الفصل الأوّل : أهمّ خصائصهم / الطهارة) .


حكم النّبيّ الأعظم ج3
34

لا يَزالُ الإسلامُ عَزيزا إلى اثنَي عَشَرَ خَليفَةً .۱
وبذلك يمكن القول إنّ هذا النوع من الأحاديث يشير إلى توسيع مفهوم «العترة» إلى سائر الأئمّة ، كما صُرّح بذلك في روايات أهل البيت .

سادسا : معنى الحديث

استنادا إلى الإسناد المعتبر الّذي مضت الإشارة إليه ، روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه خطب الناس في أواخر عمره الشريف ، موجّها كلامه إلى الاُمّة الإسلامية حتّى يوم القيامة ، قائلاً :
إنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ما إن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي ، فَإنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .
فالقرآن والعترة ، ـ وفقا لهذا الحديث الشريف ـ أمانتان خطيرتان متلازمتان أودعهما خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله عند اُمّته ، وطلب منها أن تحافظ عليهما حتّى يوم القيامة .
ومن أهمّ الملاحظات في بيان معنى حديث الثّقلين دلالة هذا الحديث الشريف على إمامة الإمام المهديّ عليه السلام ووجوب معرفته والتمسّك به ، ولكن وقبل تقديم أيّ إيضاح في هذا المجال ، سنشير إشارة قصيرة إلى ثلاث رسائل مهمّة ومصيريّة تضمّنها هذا الحديث الشريف فيما يتعلّق بإمامة أهل البيت عليهم السلام وزعامتهم :

1 . عصمة أهل البيت عليهم السلام

ضمن اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ عصمة القرآن من كلّ خطأ واشتباه ، كما في صريح قوله :
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ» . ۲

1.راجع : المصدر السابق .

2.الحجر : ۹ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج3
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155923
الصفحه من 676
طباعه  ارسل الي