327
حكم النّبيّ الأعظم ج4

ولعلّ هذا اللّون من الأدب هو الذي يشير إليه عليه السلام في قوله :
لَو أنّا لا نَرجو جَنَّةً ، ولا نَخشى نارا ولا ثَوابا ولا عِقابا ، لَكانَ يَنبَغي لَنا أن نَطلُبَ مَكارِمَ الأَخلاقِ ، فَإِنَّها تَدُلُّ عَلى سُبُلِ النَّجاحِ.۱

3 . دور الأدب في حياة الإنسان

إنّ الأدب في منظور الأحاديث الإسلاميّة ذو معطيات وبركات وافرة في حياة الإنسان ؛ فالأدب رصيد التفتُّح العقلي ، وزينة الروح واللِّسان ، وشرافة الحسب والنسب ، وعامل لارتقاء جميع الفضائل الأخلاقيّة في الإنسان ۲ .
إنّ من تزيّن بحُلْية الأدب لم يلحقه نقص في النسب ، ويندر أن يرتكب ما لا يليق به . وبعبارة موجزة : المتأدّب في الحياة سعيد ، وفاقد الأدب شقيّ . وعلى حدّ تعبير أمير البيان :
مَا الإِنسانُ لَولَا الأَدَبُ إلّا بَهيمَةٌ مُهمَلَةٌ.۳
على هذا الأساس يحتاج الإنسان في الحياة أكثر ما يحتاج إلى الأدب ، يقول الإمام عليّ عليه السلام :
إنَّ النّاسَ إلى صالِحِ الأَدَبِ أحوَجُ مِنهُم إلَى الفِضَّةِ وَالذَّهَبِ.۴
لذلك شجّع أئمّة الإسلام بأساليب مختلفة أتباعَ هذا الدين على التأدّب ، وحذّروا من تركه ، حتى أنّ الإمام الصادق عليه السلام قال :
إن اُجِّلتَ في عُمُرِكَ يَومَينِ ؛ فَاجعَل أحَدَهُما لِأَدَبِكَ لِتَستَعينَ بِهِ عَلى يَومِ مَوتِكَ .۵

1.تاريخ دمشق : ج ۶۹ ص ۲۰۲ ح ۱۳۷۵۰ عن كميل بن زياد النخعي .

2.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ص ۵۱ (آثار الأدب) .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الرابع : آثار الأدب ) .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثاني : فضل الأدب والحث عليه : ح ۸۳۱ ) .

5.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثاني : معنى الأدب والحث عليه : ح ۸۳۵ ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
326

ولا يخفى أنّ هذا هو الحدّ الأدنى من الأدب ، وكلّما ازداد الإنسان رعايةً للقيم العقليّة والشرعيّة في القول والفعل ازداد أدبا .

ب ـ الأدب مع الخالق

إنّ الأدب مع الخالق هو عبارة عن رعاية حرمة حضوره في كلِّ الحالات والحركات والسكنات ، بصورة تتناسب مع عظمة الباري وجلاله ، وهذا الأدب له أنواع ومراتب أيضا :
المرتبة الاُولى : ترك المحرّمات وأداء الواجبات .
المرتبة الثانية : ترك المكروهات وأداء المستحبّات .
المرتبة الثالثة : تطهير القلب ممّا سوى اللّه تعالى ، وإلى هذه المرتبة يشير الإمام عليّ عليه السلام إذ يقول :
كَفى بِالعَبدِ أدَبا ألّا يُشرِكَ في نِعَمِهِ وإربِهِ غَيرَ رَبِّهِ.۱
وإلى هذا أيضا تشير الرواية عن الإمام الصّادق عليه السلام :
القَلبُ حَرَمُ اللّهِ ؛ فَلا تُسكِن حَرَمَ اللّهِ غَيرَ اللّهِ.۲

ج ـ الأدب مع النّفس

إنّ الأدب مع النفس يعني : أن يلتزم الإنسان بالقيم في القول والعمل رعاية لحرمة نفسه ، وبعبارة اُخرى : في بعض الأحيان قد يلتزم الإنسان بالأدب خجلاً من الآخرين ورعايةً لحرمة اللّه وحرمة الناس ، ولكن في أحيانٍ اُخرى قد يلتزم بالأدب بدافع من إنسانيّته ورعاية لحرمة القيم الإنسانيّة . وفيما يروى عن عليّ عليه السلام أنّه يعتبر هذا النوع من الأدب أسمى مراتب التأدّب ؛ حيث يقول :
غايَةُ الأَدَبِ أن يَستَحِيَ الإِنسانُ مِن نَفسِهِ.۳

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الثاني : فضل الأدب والحث عليه : ح ۸۳۷ ) .

2.جامع الأخبار : ص ۵۱۸ ح ۱۴۶۸ .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأول : معنى الأدب : ح ۸۱۴ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 204217
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي