323
حكم النّبيّ الأعظم ج4

وعدم رعاية الأدب في القول والعمل يعود إلى الجهل ، فالعقل يدعو الإنسان إلى رعاية القيم التي تصون الهويّة الإنسانيّة ، من هنا يقول الإمام عليّ عليه السلام :
حَسبُ المَرءِ ... مِن أدَبِهِ ألّا يَترُكَ ما لا بُدَّ لَهُ مِنهُ .۱
فالمؤمنون الملتزمون يجب أن تكون أقوالهم وأفعالهم مؤطّرة بالأدب ، فقد وصف رسول اللّه صلى الله عليه و آله المؤمن بقوله :
حَرَكاتُهُ أدَبٌ.۲

ب ـ تجسيد القيم الدّينيّة

إنّ القيم الدينيّة عبارة عمّا أراد اللّه تعالى من الإنسان أن يفعله على نحو الوجوب أو الاستحباب ، وإلى هذا المعنى تشير بعض نصوص الحديث مثل : «أنَا أديبُ اللّهِ وعَلِيٌّ أديبي» و«إنَّ اللّهَ أدَّبَ نَبِيَّهُ عَلى مَحَبَّتِهِ» ۳ و«إنَّ المُؤمِنَ يَأخُذُ بِأدَبِ اللّهِ». ۴ فالقيم الإلهيّة تتجسّد فيما يصدر عن قادة الإسلام وأتباعهم من قول وفعل .
وهاهنا لابدّ من التأكيد على مسألتين :
الاُولى : إنّ القيم العقليّة والشرعيّة تلتقي بالتحليل الدقيق في نقطة واحدة . روي عن الإمام عليّ عليه السلام :
العَقلُ شَرعٌ مِن داخِلٍ ، وَالشَّرعُ عَقلٌ مِن خارِجٍ.۵
فلو استطاع العقل أن يدرك الحقائق كما هي ، فإنّه يتوصّل دون شكّ إلى نفس النقطة التي وصل إليها الدين ، وعلى هذا الأساس قيل : «كلّ ما حكم به العقل حكم

1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأوّل : معنى الأدب : ح ۷۹۰ ) .

2.راجع : المصدر السابق ، ص ۲۵ ح ۷۸۷ .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأوّل : معنى الأدب : ح ۷۹۲ ) .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأوّل : معنى الأدب : ح ۷۹۴ ) .

5.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية : ج ۱ ( المعرفة / القسم الثاني : العقل / الفصل الثالث : التعقل : ح ۲۲۲ ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
322

مطلق العلوم والمعارف ۱ أيضا . إذ إنّ العلم يشكّل رصيدا قيّما لجمال العمل وعلوّ شأنه ، فلا يمكن لغير العالم أن يكون فنّانا حاذقا .

الأدب في القرآن والحديث

لم ترد كلمة الأدب في القرآن الكريم ، وإن كان مؤدّاها موضع اهتمام الكتاب العزيز في موارد عديدة ، غير أنّها وردت في الأحاديث الإسلاميّة في موارد كثيرة ، باعتبارها أصلاً ثقافيّا وأخلاقيّا واجتماعيّا هامّا . يقول الإمام عليّ عليه السلام :
لِكُلِّ أمرٍ أدَبٌ .۲
ولعلّ أبرز ما يمكن تبيينه في أحاديث الأدب :

1 . معنى الأدب

وردت كلمة الأدب في الأحاديث الإسلاميّة بعدّة معانٍ :

أ ـ تجسيد القيم الفطريّة والعقليّة والاجتماعيّة

يقول الإمام عليّ عليه السلام مشيرا إلى هذا المعنى :
كَفاكَ أدَبا لِنَفسِكَ اجتِنابُ ما تَكرَهُهُ مِن غَيرِكَ .۳
إنّ اجتناب ما يكرهه الإنسان من غيره يجسّد القيم الفطريّة والعقليّة والاجتماعيّة في القول والفعل ، فمن يلتزم برعاية هذه القيم لم يعد يحتاج إلى مؤدّبٍ ومربٍّ ، وقد سئل عيسى عليه السلام عمّن أدّبه فقال :
ما أدَّبَني أحَدٌ ، رَأَيتُ قُبحَ الجَهلِ فَجانَبتُهُ .۴

1.راجع : المصدر السابق .

2.غرر الحكم : ح ۷۲۸۰ .

3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأوّل : معنى الأدب : ح ۷۷۷ ) .

4.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۲ ( الأدب / الفصل الأوّل : معنى الأدب : ح ۷۸۲ ) .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 205855
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي