237
حكم النّبيّ الأعظم ج4

المسلمين كبار قوّاد جيشه صلى الله عليه و آله ووجوه المهاجرين والأنصار.
وكان من البديهي أن يولّي أمر هذا الجيش أكثر قوّاده كفاءة. فأمّر عليه اُسامة بن زيد بعد أن دعاه ، وكان له من العمر آنذاك ثمانية عشرة عاما. ۱
يقع هذا القرار محلّاً لاعتراض وجوه الصحابة سيما في تلك الظروف السياسية الحسّاسة، ۲ فكشفوا عمّا في الضمير وبسطوا ألسنتهم بالقول: فَتَكَلَّمَ قَومٌ وقالوا : يَستَعمِلُ هذَا الغُلامَ عَلَى المُهاجِرينَ الأَوّلينَ . ۳
فلمّا بلغ النّبي صلى الله عليه و آله ذلك خرج فرقى المنبر مغضبا ، فقال بعد الحمد والثناء :
إنَّ النّاسَ قَد طَعَنوا في إمارَةِ اُسامَةَ ، وقَد كانوا طَعَنوا في إمارَةِ أبيهِ مِن قَبلِهِ ، وإنَّهُما لَخَليقانِ لَها وإنَّهُ لَمِن أحَبِّ النّاسِ إلَيَ آلاً ، فَاُوصيكُم بِاُسامَةَ خَيرا .۴

1.الطبقات الكبرى : ج ۴ ص ۶۶ .

2.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج ۲ ( القسم الثالث / الفصل الحادى عشر / إنفاذ جيش اُسامة ) .

3.الطبقات الكبرى : ج ۲ ص ۱۹۰ .

4.الطبقات الكبرى : ج ۲ ص ۲۴۹ .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
236

بالإضافة إلى أنّ مثل هذا الاستخلاف أن يأخذ على أيدي المشركين ويحول دون أيّ محاولة عبث بأمن مكّة واستقرارها. وقد اختار النّبي صلى الله عليه و آله لهذا الأمر الخطير من بين أصحابه شابا في الحادية والعشرين من عمره اسمه عتّاب بن أسيد فقلّده ذلك ، وكتب له كتابا بولايته:
وَولّى صلى الله عليه و آله عَتّابَ بنَ أسيدٍ وعُمُرُهُ إحدى وعِشرونَ سَنَةً أمرَ مَكَّةَ وأمَرَهُ أن يُصَلِّيَ بِالنّاسِ وهُوَ أوَّلُ أميرٍ صَلّى بِمَكَّةَ بَعدَ الفَتحِ جَماعَةً .۱
ثمّ التفت صلى الله عليه و آله لعتّاب مُبيّنا له خطورة هذه المسؤولية قائلاً:
يا عَتّابُ ، تَدري عَلى مَنِ استَعمَلتُكَ؟! اِستَعمَلتُكَ عَلى أهلِ اللّهِ عز و جل ، ولَوأعلَمُ لَهُم خَيرا مِنكَ استَعمَلتُهُ عَلَيهِم .۲
وكان من الطبيعي أن يثير مثل هذا القرار حفيظة وجهاء مكّة وكبرائها ، فكتب النّبي صلى الله عليه و آله كتابا طويلاً توقّيا لاعتراضهم جاء في آخره:
ولا يَحتَجَّ مُحتَجٌّ مِنكُم في مُخالَفَتِهِ بِصِغَرِ سِنِّهِ فَلَيسَ الأَكبَرُ هُوَ الأَفضَلَ ، بَلِ الأَفضَلُ هُوَ الأَكبَرُ .۳
هذا وقد بقي عتّاب بن أسيد واليا على مكّة إلى آخر حياة النّبي صلى الله عليه و آله ، وكان حَسَنُ التدبير والولاية.

ج ـ قائِدُ حَربِ الرُّومِ ، شابٌّ فِي الثّامِنَة عَشَرَة

استنفر النّبيّ صلى الله عليه و آله في أواخر حياته لقتال دولة الروم العظمى، فانخرط في جيش

1.السيرة الحلبية : ج ۳ ص ۱۰۴ .

2.اُسد الغابة : ج ۳ ص ۵۴۹ الرقم ۳۵۳۸ .

3.بحار الأنوار : ج ۲۱ ص ۱۲۳ ح ۲۰ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 205523
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي