ما كَرِهتَهُ لِنَفسِكَ فَاكرَه لِغيرِكَ ، وما أَحبَبتَهُ لِنَفسِكَ فَأَحبِبهُ لأَِخيكَ، تَكُن عادِلاً في حُكمِكَ ، مُقسِطا في عَدلِكَ .۱
4 . العدالة العرفانية
يُراد من العدل العرفاني، العدالة الّتي تقع في أعلى مراتب العدل العقيدي والعملي والأخلاقي، ونتيجتها أن يحصل للإنسان المعرفة الشهودية، وقد وردت الإشارة إلى هذه المرتبة في نهج البلاغة :
إِنَّ مِن أَحَبِّ عِبادِ اللّهِ إلَيهِ عَبدا أَعانَهُ عَلى نَفسِهِ ... قَد أَبصَرَ طَريقَهُ ، وَسَلَكَ سَبيلَهُ ، وَعَرَفَ مَنارَهُ وَقَطَعَ غِمارَهُ... فَهوَ مِنَ اليَقينِ عَلى مِثلِ ضَوءِ الشَّمسِ...فَهوَ مِن مَعادِنِ دينِهِ وَأَوتادِ أَرضِهِ ، قَد أَلزَمَ نَفسَهُ العَدلَ فَكانَ أَوّل عَدلِهِ نَفيُ الهَوى عَن نَفسِهِ .۲
ممّا يجدر ذكره أنّ العدل العرفاني له مراتب متعدّدة أيضا ، أعلاها مرتبة العصمة، فالمعصوم هو الّذي بلغ في المعرفة واليقين مبلغا يجعله عند حدود العدالة تماما في العقيدة والأخلاق والعمل وتصونه عن أيِّ نوعٍ من الخطأ، ويبدو أنّ الرواية السابقة تشير إلى هذه المرتبة.
سادسا : تعريف العدل الإلهي
التعريف الأوّل :
إذا أخذنا بعين الاعتبار المفهوم اللغوي للعدل واستخدام هذا المفهوم في الكتاب والسنّة، فإنّ العدل الإلهي يعني أنّ جميع أفعال اللّه ـ تعالى ـ تقوم على أفضل نظام، فكلّ ظاهرة تحدث بدقّة فائقة وفي الوقت المطلوب ، وتستقرّ في محلّها المناسب ، ولا يوجد أيّ انحراف واعوجاج في عمل الخالق.