13
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

استنادا إلى هذه الرؤية، فقد اعتبر عدد من المتكلّمين الكبار للإماميه والمعتزلة«العدل» أشمل صفة فعلية جمالية إلهية ، حيث تشمل جميع الصفات الثبوتية.
يقول السيّد المرتضى رحمه الله في هذا المجال :
الكلام في العدل، كلام في تنزيه اللّه سبحانه وتعالى عن فعل القبيح والإخلال بالواجب . ۱
وكتب الشيخ الطوسي رحمه الله بعبارات أوضح قائلاً :
الكلام في العدل، كلام في أنّ أفعال اللّه كلّها حسنة وليس فيها قبيح ، وكما أنّه ليس فيها قبيح فليس يجوز عليه أيضا الإخلال بالواجب ، فإذا نزّهته عن الأمرين فقد وصفته بما يليق به . ۲
وقال القاضي عبد الجبّار المعتزلي بعد أن فسّر العدل بأنّه : «إعطاء حقّ الغير، واستيفاء الحقّ منه» :
ونحن إذا وصفنا القديم تعالى بأنّه عدل حكيم، فالمراد به أنّه لا يفعل القبيح أو لا يختاره ولا يخلّ بما هو واجب عليه، وأنّ أفعاله كلّها حسنة. وقد خالفنا في ذلك المجبّرة وأضافت إلى اللّه تعالى كلّ قبيح . ۳
استنادا إلى هذا التعريف ، سيشمل العدل والظلم بمعنيهما العامّين ، جميع صفات الأفعال الإلهية، سواء صفات الجمال أم الجلال ، ولا يُصنّف في عرض الصفات الاُخرى ، لذلك فإنّ الفضل الإلهي ينضوي في إطار عدله بالمفهوم العامّ ، بمعنى أنّ اللّه ـ تعالى ـ لا يشمل بفضله أحدا اعتباطا، فالأشخاص الّذين يتمتّعون بالصلاحية اللّازمة هم المشمولون بفضل اللّه ، هذه من أهمّ خصوصيات العدل الإلهي وأبرزها .

1.شرح جمل العلم والعمل: ص ۸۳.

2.تمهيد الاُصول: ص ۹۷.

3.شرح الاُصول الخمسة: ص ۲۰۳.


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
12

ما كَرِهتَهُ لِنَفسِكَ فَاكرَه لِغيرِكَ ، وما أَحبَبتَهُ لِنَفسِكَ فَأَحبِبهُ لأَِخيكَ، تَكُن عادِلاً في حُكمِكَ ، مُقسِطا في عَدلِكَ .۱

4 . العدالة العرفانية

يُراد من العدل العرفاني، العدالة الّتي تقع في أعلى مراتب العدل العقيدي والعملي والأخلاقي، ونتيجتها أن يحصل للإنسان المعرفة الشهودية، وقد وردت الإشارة إلى هذه المرتبة في نهج البلاغة :
إِنَّ مِن أَحَبِّ عِبادِ اللّهِ إلَيهِ عَبدا أَعانَهُ عَلى نَفسِهِ ... قَد أَبصَرَ طَريقَهُ ، وَسَلَكَ سَبيلَهُ ، وَعَرَفَ مَنارَهُ وَقَطَعَ غِمارَهُ... فَهوَ مِنَ اليَقينِ عَلى مِثلِ ضَوءِ الشَّمسِ...فَهوَ مِن مَعادِنِ دينِهِ وَأَوتادِ أَرضِهِ ، قَد أَلزَمَ نَفسَهُ العَدلَ فَكانَ أَوّل عَدلِهِ نَفيُ الهَوى عَن نَفسِهِ .۲
ممّا يجدر ذكره أنّ العدل العرفاني له مراتب متعدّدة أيضا ، أعلاها مرتبة العصمة، فالمعصوم هو الّذي بلغ في المعرفة واليقين مبلغا يجعله عند حدود العدالة تماما في العقيدة والأخلاق والعمل وتصونه عن أيِّ نوعٍ من الخطأ، ويبدو أنّ الرواية السابقة تشير إلى هذه المرتبة.

سادسا : تعريف العدل الإلهي

التعريف الأوّل :
إذا أخذنا بعين الاعتبار المفهوم اللغوي للعدل واستخدام هذا المفهوم في الكتاب والسنّة، فإنّ العدل الإلهي يعني أنّ جميع أفعال اللّه ـ تعالى ـ تقوم على أفضل نظام، فكلّ ظاهرة تحدث بدقّة فائقة وفي الوقت المطلوب ، وتستقرّ في محلّها المناسب ، ولا يوجد أيّ انحراف واعوجاج في عمل الخالق.

1.راجع : ص ۴۸ ح ۵۶۹۷ .

2.راجع : ص ۴۹ ح ۵۷۰۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 101270
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي