413
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

بناءً على هذا فالموحّد الذي ليس بمشرك مطلقا هو الذي يجتنب الإثم و معصية اللّه مطلقا ، لذا قال الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: «وَ مَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُم بِاللَّهِ إِلَا وَ هُم مُّشْرِكُونَ» :
«شِركُ طاعَةٍ ولَيسَ شِركَ عِبادَةٍ» . ۱
والتَّوحيد في الطاعة كالتقوى له ثلاث مراحل هي:
الاُولى : أَداء الواجبات وترك المحرّمات الإلهيّة .
الثانية : عمل المستحبّات وترك المكروهات .
الثالثة : اجتناب كلّ ما ليس له صبغة إِلهيّة سواءٌ كان حراما أَم مكروها أَم مباحا . ففي وصيّة رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأَبي ذرّ ـ رضوان اللّه عليه ـ حين قال له:
«يا أباذَرٍّ، لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ حَتَّى فِي النَّومِ وَالأَكلِ» . ۲
إِشارة إِلى هذه المرحلة من التَّوحيد التي تعدّ من أَعلى مراحل التَّوحيد في الطَّاعة قال اللّه عز و جل :
«فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُواْ وَ أَطِيعُواْ وَ أَنفِقُواْ خَيْرًا لِّأَنفُسِكُمْ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» . ۳«مَّن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَـكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا» . ۴«يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنكُمْ» . ۵

1.راجع : ص ۴۱۴ ح ۳۹۸۰.

2.مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۳۷۰ ح ۲۶۶۱ .

3.التغابن: ۱۶ .

4.النساء: ۸۰ .

5.النساء: ۵۹ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
412

المرتبة الخامسة : التّوحيد في الطّاعة

إِنّ معنى التَّوحيد في الطَّاعة هو أَنّه ليس لأَحد أَن يُطاع إِلّا اللّه والذين اختارهم لأُمور عباده ، فاتّباع غير أَمر اللّه إِذا كان خلاف أَمره شركٌ ، وإِن كان الآمر هوى النفس الذي يعبّر القرآن عنه بالإله في قوله تعالى:
«أَفَرَءَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـهَهُ هَوَاهُ »۱ .
والتَّوحيد في الطَّاعة شرط للتَّوحيد في التشريع والتقنين ، ذلك إِذا كان التشريع للّه وحده فإنّ إِطاعة غيره إِذا كان أَمره مخالفا لأَمر اللّه تعني اتّخاذ شريك للّه في التشريع .
وفي ضوء ذلك، فاجتناب طاعة الأَهواء غير المشروعة والجبابرة الذين يعبّر عنهم القرآن الكريم بالطواغيت ، بل اجتناب اتّباع كل شيء وكلّ شخص يدعو الإنسان إِلى القيام بعمل يخالف أَمر اللّه سبحانه ضروريّ للحصول على هذه المرتبة من التَّوحيد ، و بجملة واحدة: إِنّ الإثم ومعصية اللّه في الحقيقة والواقع شرك في الطَّاعة.

1.الجاثية : ۲۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 103889
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي