243
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

إِنّ أَميرالمؤمنين عليه السلام يقول مشيرا إِلى هذه العظمة التي لا تُوصَف ، وذلك في معرض دعائه مخاطبا الخالق القادر الحكيم :
سُبحانَكَ ما أَعظَمَ ما نَرى من خَلقِكَ! وما أَصغَرَ كُلَّ عَظيمَةٍ في جَنبِ قُدرَتِكَ! وما أَهوَلَ ما نَرى مِن مَلَكوتِكَ ! ومَا أحقَرَ ذلِكَ فيما غابَ عَنّا مِن سُلطانِكَ !۱

ثانيا : مصابيح السَّماء

من جهة أُخرى يدعو القرآن الكريم في آيات عديدة بالنظر إِلى السَّماء والنّجوم التي فيها باعتبارها مصابيح مضيئة جميلة ، جعلها أَحسن الخالقين دليلاً على علمه وقدرته وحكمته قال سبحانه وتعالى :
«أَفَلَمْ يَنظُرُواْ إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَـهَا وَ زَيَّنَّـهَا»۲ .
فإنّ مثل هذا النظر والتأَمّل ربّما يفوق فضلاً على كثير من العبادات ، كما يستفاد ذلك من سلوك الإمام زين العابدين عليه السلام :
قُرِّبَ إِلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ عليه السلام طَهورُهُ في يَومِ وِردِهِ ، فَوَضَعَ يَدَهُ فِي الإِناءِ لِيَتَوَضَّأَ ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ فَنَظَرَ إلَى السَّماءِ وَالقَمَرِ وَالكَواكِبِ ، ثُمَّ جَعَلَ يُفَكِّرُ في خَلقِها ، حَتّى أصبَحَ وأذَّنَ المُؤَذِّنُ ويَدُهُ فِي الإِناءِ۳.

ثالثا : السقف المحفوظ

لقد أَشرنا في معاني السَّماء الواردة في القرآن الكريم ، إِلى أن أَحدها يعني الجوّ المحيط في أطراف الأَرض ، يقول «فرانك آلن» أُستاذ الفيزياء الحيويّة : إِن الغلاف

1.راجع : ص ۲۳۹ ح ۳۶۳۷ و ح ۳۶۳۸ .

2.ق : ۶ ، راجع : الحجر : ۱۶ ، الملك : ۵ ، فصّلت : ۱۲ .

3.ربيع الأبرار : ج ۱ ص ۱۰۸ ح ۹۴ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
242

5 . ما يحيط بجميع الأَجرام السَّماوية ، كما في قوله تعالى : «وَ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَـبِيحَ»۱ .
6 . مقام القرب الإلهي الذي ينتهي إِليه زمام جميع الأُمور ، كما في قوله تعالى : «يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ»۲ .
أما الدروس المستقاة من خلق السَّماوات على طريق معرفة الخالق ـ جلّ وعلا ـ ، التي أَشار إِليها القرآن الكريم ، فهي تتعلق بالمعنى الثالث والرابع والخامس من المعاني المتقدمة ، من هنا فإنّ المحاور الجديرة بالتأَمّل والبحث هي ، كما يلي :

أَولاً : سعة السَّماء

إِنّ الملاحظة الأُولى الحريّة بالتأَمّل عند مشاهدة السَّماء ، هي سعتها المحيِّرة التي تفوق التصور ، فوَفقا للحسابات العلمية إِنّنا لو سافرنا في طائرة مفترضة تسير بسرعة الضوء ـ أي أنّها تقطع في كل ثانية ثلاثمئة أَلف كيلومتر ـ فإنّنا سنصل إِلى الشَّمس بعد ثماني دقائق وعشرين ثانية ، ونصل إِلى الجدي بعد خمسين سنة ، وإِلى العيوق بعد تسعين سنة ، وإِذا أَردنا أن نسافر إِلى أول مجرّة وبنفس السرعة المتقدّمة ، فإنّ رحلتنا تستغرق سبعمئة أَلف سنة ضوئية ، ولقطع المسافة من طرف المجرّة إِلى طرفها الآخر نحتاج إِلى مئتي سنة ضوئية ، وعلى أَساس مايقوله علماء النجوم : هناك في الكون ما لا يقلّ عن مئة أَلف مجرّة مثل مجرّتنا ، وممّا يزيد من الحيرة والعجب هو أنّ كلّ ما ذكرناه عن سفرنا الكونيّ الذّهني يعتبر في وجهة النظر القرآنية منحصرا في سماء واحدة ، هي السَّماء الأُولى أو الدنيا ۳ .

1.فصّلت : ۱۲ .

2.السجدة : ۵ .

3.قال تعالى : «وَ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَـبِيحَ» فصّلت : ۱۲ وراجع : الملك : ۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 103888
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي