65
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

الفصل الرابع : تصحيح العقيدة

لا يخفى أنّ من أهمّ المسائل التي تجب دراستها قبل البحوث العقائدية مسألة تصحيح العقيدة ، فهل هناك طريقة يمكن التوصّل بها إلى معرفة العقائد الصحيحة وإلى تصحيح العقائد الفاسدة؛ ما هي إذاً؟
والجواب : نعم . إنّ في النصوص الإسلامية في هذا الشأن توصيات دقيقة تسترعي الانتباه وإن كانت ـ كما يظهر ـ لم تُتناول بالبحث والتحليل حتّى الآن ، وهذه التوصيات من أبرز مايلزم وأهمّ ما يقتضي لمن يحاول سبْر أغوار البحوث العقائدية بعين باصرة لواقع الحال ورؤية غير قاصرة عن المآل ، أيًّا كانت عقيدته ومسلكه ومذهبه ، فالتزام هذه التوصيات يُوصل الباحث والمحقّق إلى ما يتوخّاه من تحقيقه ويوفّر له الثقة في نتائجه .
والأجدر بنا ـ قبل أن نتحدّث عن التوصيات الإسلامية اللازمة لتصحيح العقيدة ـ أن نستعرض شيئا عن أخطر الأدواء العقائدية ، ألا وهو داء اعتبار الإنسان نفسه عالما .

داء اعتبار الإنسان نفسه عالما

إنّ داء اعتبار الإنسان نفسه عالما أو بكلمة اُخرى داء العلم الخيالي نوع من


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
64

الواردة في هذا المجال ۱ ، ولكن هناك فاصل بينهما بالتأكيد من الناحية المعرفية ، فالشاكّ لا يكون كافرا من الناحية المعرفية إلّا إذا أنكر اُصول الإسلام العقيدية ، وأمّا إذا لم ينكرها ـ وخاصّةً إذا كان بصدد التحقّق والعثور على الحقيقة ـ فليس بكافرٍ ، بل يعدّ جاهلاً ومستضعفا من الناحية العقيدية .
وعلى هذا الأساس ، فليس هناك فاصلة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، فكلّ من لا يكون مؤمنا حقيقةً أو حكما يُعتبر كافرا ، في حين أنّ بين الكفر والإيمان من الناحية العقيدية فاصلة .
وبعبارةٍ اُخرى ، فمن الناحية المعرفية هناك فرق بين العالم والجاهل الّذي لا يُنكِر جَهلَه والجاهل الّذي يُنكِرُ جَهلَه ، والكافر هو الجاهل الّذي يُنكِرُ جهلَه ويدّعي العلم .
بقي لدينا ختاما لهذا الفصل سؤالان مهمّان هما :
الأوّل : هل التحقيق في أيّ مورد يحتّم الوصول بالنتيجة إلى الواقع ومعرفة الحق؟ بعبارة اُخرى : هل التحقيق أيًّا كان مورده يصل بالمحقّق والباحث بالضرورة إلى هدفه من البحث؟ أو أنّه من الممكن أن يحقّق الباحث ولا يصل إلى نتيجةٍ مّا؟ أو يخيَّل إليه أنّه وصل إلى معرفةٍ حقيقية بينما الواقع أنّه لم يصل؟
والآخر : هل هناك معيار وميزان لمعرفة صحّة نظريةٍ أو عقيدةٍ مّا أم لا؟
والجواب عن السؤال الأول هو : أنَّ للمعرفة موانع وشروطا ، فلو أنّ الباحث أو المحقّق قد أزال موانعها وحقّق شروطها لتوصّل بالضرورة إلى النتيجة المنشودة ، وسنتطرّق إلى شروط المعرفة وموانعها في القسم الخامس و السادس والسابع من كتاب المعرفة من هذه الموسوعة. ۲
أمّا الإجابة عن السؤال الثاني فسيأتي في الفصلين القادمين ، إن شاء اللّه تعالى .

1.مثل الآية ۶۷ من سورة النمل والرواية ۱۰ و ۱۱ من اُصول الكافي : ج ۲ ص ۳۸۶ .

2.راجع: ج ۲ ص ۱۰۹«القسم السادس: مبادئ المعرفة» و۱۶۱ (القسم السابع: موانع المعرفة» .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 185707
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي