41
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

وقال أيضا :
مَن عَرَفَ دينَهُ مِن كِتابِ اللّهِ عز و جل زالَتِ الجِبالُ قَبلَ أنْ يَزولَ ، ومَن دَخَلَ في أَمرٍ بِجَهلٍ خَرَجَ مِنهُ بِجَهلٍ.۱
وفي هاتين الروايتين عدّة نكات قيّمة بالغة الحسّاسية :
أوّلاً : إنّ تقليد الشخصيّات الدينيّة في العقائد الدينية مذمومٌ مردود . ويتحتّم على الإنسان العاقل أن يكتسب معتقداته مشخَّصةً عن طريق التحقيق لاعن طريق التقليد .
ثانيا : إنّ مَن اتّخذوا تقليد الشخصيّات الدينيّة مدخلاً للإسلام وصاروا مسلمين سيرتدّون عن الإسلام من حيث دخلوا ، إذا ما حدث وارتدّت تلك الشخصيّات عنه يوما مّا ، سوف يغيّر هؤلاء عقائدهم تبعا لهم ، وهذا ، لأنهم مسلمون بالتقليد ، ولأنّ عقائدهم فاقدة للأساس العلمي ، وعليه فالعقيدة التقليدية على الدوام في معرض التغيير والزوال . «مَن دَخلَ هذَا الدّينَ بِالرِّجالِ أَخرَجَهُ مِنهُ الرِّجالُ».
ثالثا : إنّ من يعتنقون الإسلام وعقائده مقتدين في ذلك بالقرآن والحديث تتأصّل فيهم المعتقدات الدينيّة وتستحكم أكثر من استحكام الجبال ورسوخها في قلب الأرض ، ولا يمكن أن تزول هذه العقائد من قلب المقتدين بهدى القرآن والحديث حتّى ولو اقتلعت الجبال من قلب الأرض «ومَن دَخَلَ فيهِ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ زالَتِ الجِبالُ قَبلَ أَن يَزولَ» .
رابعا : إنّ القرآن والحديث يؤكدان على ضرورة استناد عقائد الإنسان إلى الموازين العقلية والعلمية ، فلو أنّه اعتقد بحقيقةٍ مّا على غير اُسس عقلية وعلميّة

1.بشارة المصطفى : ص ۱۲۹ ، بحار الأنوار : ج ۲۳ ص ۱۰۳ ح ۱۱ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
40

وقول الرسول صلى الله عليه و آله ـ إذ يشير إلى قول اللّه تعالى ـ إنّما يتضمن استفهاما توبيخيا مؤدّاه : إذا لم يكن أمام الإنسان بُدٌّ إلّا من طريقين ، لماذا يعدل عن الطريق الذي يقرّر العقل صوابه إلى الآخر الذي ينهاه العقل عنه؟!!
واستناد الإمام عليه السلام إلى حديث الرسول صلى الله عليه و آله في بيان مدلول كلمة «إمَّعة» يفيدنا أمرين :
الأوّل : أنّ الباعث ـ من وجهة النظر الاجتماعية ـ على اختيار الإنسان للشرّ هو إمَّعِيَّتُهُ ، وكونه إمَّعةً يقلّد الآخرين في عقائدهم وأعمالهم تقليداً أعمى ، فلو أنّ البشر قد تحرّر يوما من قيد التقليد ، لانحلَّ كثير من المشاكل الاجتماعية .
والآخر : أنّ الإنسان قد خُلق بحيث لو تحاشى التقليد لأصبح صاحب رأي ، ولاختار طريق الخير ، لأنّ العقل كفيلٌ بالتمييز بين ما هو خير وما هو شرّ ، والإسلام بدوره لا يدعو الناس إلَا إلى الخير والعدل واجتناب السوء والظلم. ۱

تقليد الشخصيّات في العقائد

إنّ الملاحظة البالغة الأهميّة والجديرة بالعناية التي نلاحظها في الروايات الإسلامية حول محور التقليد في العقيدة هي شجب تقليد الشخصيات المذهبية في العقائد الدينية حتّى وإن كانت تلك العقائد حقّةً .
فقد قال الإمام الصادق عليه السلام :
مَن دَخَلَ في هذَا الدّينِ بِالرِّجالِ أَخرَجَهُ مِنهُ الرِّجالُ كَما أَدخَلوهُ فيهِ ، ومَن دَخَلَ فيهِ بالكِتابِ وَالسُّنَّةِ زالَتِ الجبالُ قَبلَ أَن يَزولَ.۲

1.قال تعالى : «إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَـنِ ... » (النحل : ۹۰) .

2.الغيبة للنعماني : ص ۲۲ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۰۵ ح ۶۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 190116
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي