161
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

الأحاديث التي تطرح العقل التجريبي وعقل التعلّم إلى جانب عقل الطبع وعقل الموهبة، نماذجَ لاستخدام كلمة العقل بمعنى مبدأ التفكير.

3 . الوجدان الأخلاقي:

وهو قوّة كامنة في أعماق ذات الإنسان تحثّه على التحلّي بالفضائل الأخلاقية وتردعه عن ركوب الرذائل. أو يمكن القول بعبارة اُخرى: إنّه شعور بانجذاب فطري نحو الفضيلة ونفور تلقائي من الرذيلة.
فلو افترض الإنسانُ نفسَه في معزل عن جميع المعتقدات والتقاليد والأعراف الدينية والاجتماعية، فإذا تصوّر مفاهيم العدل والجور، والخير والشرّ ، والصدق والكذب، والوفاء بالعهد ونقض العهد، فإنّ فطرته تحكم بأنّ العدل والخير والصدق والوفاء بالعهد جميل، بينما الظلم والشرّ والكذب ونقض العهد قبيح. ۱
إنّ الشعور بالميل إلى الفضائل والنفور من الرذائل يعتبر من وجهة نظر القرآن إلهاما إلهيا ، حيث ورد في القرآن الكريم:
«وَ نَفْسٍ وَ مَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَ تَقْوَاهَا» . ۲
وهذا الشعور أو هذا الإلهام يشكّل الحجر الأساس في الهديّة المعرفية التي وهبها الباري تعالى للإنسان، وقد أطلقت النصوص الإسلامية على مبدئها ـ الذي هو ذلك الشعور الخفي الذي يغرس في ذات الإنسان ميلًا إلى القيم الأخلاقية ـ اسم العقل ، وكلّ القيم الأخلاقية الاُخرى بمثابة جنود للعقل، أمّا الرذائل فتعتبر جنودا للجهل. ۳

1.راجع كتاب حسن وقبح عقليّ (بالفارسية)، الفصل السابع «الحُسن والقبح العقليّان هما من اليقينيّات لا من المشهورات» .

2.الشمس: ۷ و ۸.

3.راجع : ص ۲۴۳ «جنود العقل والجهل» .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
160

أ ـ استخدام «العقل» في ما يخصّ مبدأ الإدراكات:

1 . مبدأ جميع المعارف الإنسانيّة:

وهذا المعنى تشير إليه الأحاديث التي تفسّر حقيقة العقل بـ«النور» ۱ ، أو تعتبر النور كمبدأ لوجود العقل ۲ ، أو تنظر إليه كهديّة إلهية، وتذهب إلى أنّه أصل الإنسان. ۳
فالإنسان ـ كما يُستشفّ من هذه الأحاديث ـ يتمتّع في وجوده الذاتي بطاقة نورانية تعتبر بمثابة الحياة للروح، وهذه الطاقة إذا كُتب لها النماء والتهذيب يتمكّن الإنسان في ظلّها من إدراك حقائق الوجود، والتمييز بين الحقائق الحسّية والغيبيّة ، واستجلاء الحقّ من الباطل، وفرز الخير من الشرّ، ومعرفة الصالح من الطالح. وإذا اُتيح تقوية هذه الطاقة النورانية وهذا الشعور الخفي، يتسنّى للإنسان عند ذاك اكتساب إدراكات تفوق التصوّر، حتّى أنّه يصبح قادرا على سبر أغوار عالم الغيب ببصيرة غيبيّة، ويتحوّل الغيب أمامه إلى شهود. ۴ وهذه المرتبة من العقل هي التي عبّرت عنها النصوص الإسلامية بمرتبة اليقين.

2 . مبدأ التفكير:

إنّ الاستخدام الآخر للعقل في النصوص الإسلامية يتمثّل في النظر إليه كمبدأ للتفكير، ويعرّف العقل في مثل هذه الموارد كمنشأ للفطنة والفهم والحفظ ۵ ، وموضعه الدماغ. ۶ وتعتبر الآيات والأحاديث التي تحثّ الإنسان على التعقّل والتفكير، وكذا

1.راجع : ص ۱۷۱ «حقيقة العقل» و ۱۷۲ «خلق العقل والجهل» .

2.راجع : ص ۱۸۹ «هدية من اللّه » و ۱۹۰ «خير المواهب» و ۱۹۲ «أصل الإنسان» .

3.راجع : ج ۲ ص ۱۱۴ «القلب» .

4.راجع : ص ۱۹۳ ح ۵۵ و ۲۴۹ ح ۳۱۳ .

5.راجع : ص ۱۸۰ ح ۱۹ ، ۲۰ و ۱۸۱ ح ۲۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 183955
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي