567
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

في حديث أبي حَمْزة ۱

قوله عليه السلام : (عَظُمَ رَبُّنا عن الصِّفَةِ) .
أي هو أعظم من أن يدركه وَهْمٌ فيَصِفَه ، فالذي لا يوصف مطلقا بغير ما وصف به نفسه لعدم إدراك الوهم إيّاه الدالّ عليه صريح القرآن .
(كيفَ يُوصَفُ بالمحدوديّة) أي بأنّ له حدّ و غاية .
فقوله عليه السلام : (ولا تُدْرِكُهُ الأبصارُ) عطفُ بيانٍ ، وتفسيرٌ لقوله «لا يُحَدُّ» ، وفيه استشهاد بالآية الشريفة ؛ وذلك لأنّ المراد بالأبصار الأوهام ، كما دلّ عليه الأحاديث السابقة ، والمحدود لابدّ أن يتوهّم حتّى يمكن حدّه ، ولمّا دلّت الآية الشريفة على عدم إدراك الوهم إيّاه ، علم أنّه لا يحدّ .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۰۰ ، ح۲ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
566

باب النهي عن الصفة [بغير ما وصف به نفسَه تعالى]

في حديث عبدالرحيم ۱

قوله عليه السلام : (فَتعالَى اللّه ُ [الذي ليس كمثله شيء] ...) .
المعنى ـ واللّه أعلم ـ : أنّ اللّه تبارك وتعالى وصف نفسه بكونه « لَيْسَ كَمِثْلِهِى شَىْ ءٌ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ »۲ ، ومن كان كذلك فهو متعال «عمّا يصفُه الواصفونَ المشبّهونَ» .
وتوضيحه : أنّ الآية صريحة في أنّه « ليس كمثله شيء » ، ووصْفه بالصورة يقتضي إثبات الشبيه له ؛ لأنّها من لوازم المخلوق . وما قالوه في تأويل هذه الآية بوجه يطابق مدّعاهم ، فهو افتراء على اللّه تعالى ؛ لأنّ مراده نفي ما نسبوه إليه ؛ فلهذا قال عليه السلام : «المفتَرونَ على اللّه ِ» .
قوله عليه السلام : (فَانْفِ عن اللّه البُطلانَ والتَشْبيهَ) .
أي لا تقل بقولهم إنّه صورة وجسم ، فتشبهَه ، ولا تسلم دليلهم أنّه لو لم يكن كذلك ، لزم أن لا يكون شيئا ، وأنّه لا واسطة بين التجسيم والعدم ، بل هو ثابتٌ ، موجودٌ ، متعال عمّا وصفوه به .
قوله عليه السلام : (ولا تَعْدُوا القرآن فَتَضِلُّوا بَعْدَ البيانِ) .
أي إن أردتم وصفه فهو كما وصفته لكم المأخوذ من نصّ القرآن ، فلا تعدوا ما في القرآن بعد بياني إيّاه لكم ، فتضلّوا . فقوله «بعد البيان» متعلّق ب «تعدوا» مقدّرة ؛ لعدم جواز تعلّق ما بعد الفاء بما قبلها ، أو يقدّر ل «تعدوا» متعلّقا ۳ هذا مفسّر له . ولا يصحّ تعلّقه ب «تضلّوا» بدون تقدير متعلّق ل «تعدوا» لفساد المعنى ؛ لأنّه لا يلزم من تعدّي القرآن الضلال بعد البيان إلاّ على معنى أنّهم عليهم السلام بيّنوا كلّ ما يحتاج إليه فيه وعدم انتشاره من تقصير المكلّفين ، وهو بعيد ؛ أو تعلّق النهي بالتعدّي في هذا الحكم فقط ، ولا يلزم منه جوازه في غيره .

1.الكافي ، ج۱ ، ص۱۰۰ ، ح۱ .

2.الشورى (۴۲) : ۱۱ .

3.كذا ، والصحيح : «متعلّق» .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 85910
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي