الوجه الرابع: إيثار أحد أصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله
جاء في مستدرك الحاكم، عن ابن عمر:
اُهدِيَ لِرَجُلٍ مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله رَأسُ شاةٍ ، فَقالَ : إنَّ أخي فُلانا وعِيالَهُ أحوَجُ إلى هذا مِنّا . قالَ : فَبَعَثَ إلَيهِ، فَلَم يَزَل يَبعَثُ بِهِ واحِدا إلى آخَرَ حَتّى تَداوَلَها سَبعَةُ أبياتٍ حَتّى رَجَعَت إلَى الأَوَّلِ، فَنَزَلَت:«وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ»إلى آخِرِ الآيَةِ.۱
الوجه الخامس: إيثار جماعة من شهداء اُحد
كتب مؤلّف تفسير مجمع البيان في بيان شأن نزول الآية، ما نصّه:
قيل: نزلت في سبعة عطشوا في يوم اُحد فجيء بماء يكفي لأحدهم، فقال واحد منهم: ناول فلانا حتّى طيف على سبعتهم، وماتوا ولم يشرب أحد منهم، فأثنى اللّه سبحانه عليهم. ۲
تحليل الوجوه المذكورة
تنتهي عملية دراسة الوجوه المذكورة حول أسباب نزول آية الإيثار وتحليلها، إلى أنّ شأن النزول الأصلي الذي يتوافق مع ظاهر القرآن وتدلّ عليه الروايات يتمثّل بإيثار الأنصار في واقعة تقسيم الغنائم التي حصل عليها المسلمون من يهود بني نضير ؛ فقد آثر الأنصار المهاجرين بحصّتهم من تلك الغنيمة وقدّموهم على أنفسهم، فنزلت الآية تثني عليهم. ولمّا كانت الروايات الدالّة على هذا الوجه متّسقة مع ظاهر آية الإيثار ومنسجمة معه، فقد مالت غالبية المفسّرين إليه وتبنّته.
على هذا الضوء ينبغي القول أنّ الروايات التي لها دلالة على بقيّة الوجوه المشار لها آنفا، إنّما هي بصدد تطبيق خاتمة الآية على الموارد المذكورة من باب الجري. أمّا إذا أردنا تطبيق جملة: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» على فرد خاصّ كما لاحظنا ذلك في عدد من الروايات السابقة، فلا ريب في أنّ الإمام عليّا عليه السلام هو «سيّد المؤثِرين». وعندئذٍ فلا مانع من أن نقول أنّ جبرئيل قد طبّق خاتمة آية الإيثار على جميع موارد إيثار الإمام وبقيّة موارد الإيثار الكبرى ووقائعها، وأنّ المقصود من نزول الآية في هذه الموارد هو الجري والتطبيق بواسطة جبرئيل عليه السلام .
الفصل الثاني عشر : الأمانة
12 / 1 . أهميّةُ الأمانة
الكتاب
« وَ الَّذِينَ هُمْ لِأَمَـنَـتِهِمْ وَ عَهْدِهِمْ رَ عُونَ » . ۳
الحديث
۱۷۳۸.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :لا تَنْظروا إلى كَثرَةِ صَلاتِهِم وصَومِهِم ، وكَثرَةِ الحَجِّ ، والمعروفِ ، وَطَنطَنَتِهِم باللّيلِ! ولكنِ انْظُروا إلى صِدقِ الحديثِ وأداءِ