293
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

۱۷۳۵.الإمام عليّ عليه السلام :كانَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إذَا احمَرَّ البَأسُ وأحجَمَ النّاسُ قَدَّمَ أهلَ بَيتِهِ ، فَوَقى بِهِم أصحابَهُ حَرَّ السُّيوفِ وَالأَسِنَّةِ ، فَقُتِلَ عُبَيدَةُ بنُ الحارِثِ يَومَ بَدرٍ ، وقُتِلَ حَمزَةُ يَومَ اُحُدٍ ، وقُتِلَ جَعفَرٌ يَومَ مُؤتَةَ . ۱

۱۷۳۶.مجمع البيان عن أبي الطفيل :اِشتَرى عَلِيٌّ عليه السلام ثَوبا فَأَعجَبَهُ فَتَصَدَّقَ بِهِ ، وقالَ : سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، يَقولُ : مَن آثَرَ عَلى نَفسِهِ آثَرَهُ اللّهُ يَومَ القِيامَةِ بِالجَنَّةِ . ۲

۱۷۳۷.الأمالي للطوسي عن أبي هريرة :جاءَ رَجُلٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله فَشَكا إلَيهِ الجوعَ ، فَبَعَثَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلى بُيوتِ أزواجِهِ ، فَقُلنَ : ما عِندَنا إلَا الماءُ .
فَقالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : مَن لِهذَا الرَّجُلِ اللَّيلَةَ؟
فَقالَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام : أنَا لَهُ يا رَسولَ اللّهِ . وأتى فاطِمَةَ عليهاالسلام . فَقالَ : ما عِندَكِ يَابنَةَ رَسولِ اللّهِ؟
فَقالَت : ما عِندَنا إلّا قوتُ الصِّبيَةِ ، لكِنّا نُؤثِرُ ضَيفَنا .
فَقالَ عَلِيٌّ عليه السلام : يَابنَةَ مُحَمَّدٍ ، نَوِّمِي الصِّبيَةَ وأطفِئِي المِصباحَ .
فَلَمّا أصبَحَ عَلِيٌّ عليه السلام غَدا عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ ، فَلَم يَبرَح حَتّى أنزَلَ اللّهُ عز و جل : «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» . ۳

بحث حول نزول آية الإيثار

«وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَ الْاءِيمَـنَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَ لَا يَجِدُونَ فِى صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّآ أُوتُواْ وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ» . ۴

تحدّثت النصوص الروائية عن خمسة وجوه بشأن نزول الآية التاسعة من سورة الحشر، نعرض لها كما يلي :

الوجه الأوّل : إيثار الأنصار

يشير صدر الآية صراحة إلى أنّ الحديث فيها يدور حول إيثار الأنصار، إذ إنّ المقصود من قوله: «وَ الَّذِينَ تَبَوَّءُو الدَّارَ وَ الْاءِيمَـنَ مِن قَبْلِهِمْ» الذي جاء معطوفا على الآية التي سبقتها: «لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَـجِرِينَ ...» ، هم مسلمو المدينة المنوّرة الذين يسمّون بالأنصار ، فهؤلاء هم الذين آثروا المهاجرين على أنفسهم في واقعة تقسيم الغنائم التي حصل عليها المسلمون من يهود بني النضير، فنزلت الآية بحقّهم تُحسن الثناء عليهم .

الوجه الثاني: إيثار الإمام عليّ عليه السلام

ثمّ عدد من الروايات التي تحفّ الآية، تفيد أنّ قوله سبحانه: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» نزلت بحقّ الإمام عليّ عليه السلام . ۵

الوجه الثالث : إيثار الرجل الأنصاري

جاء في صحيح البخاري أنّ هذه الآية نزلت في رجل من الأنصار أكرم وفادة ضيف رسول اللّه صلى الله عليه و آله وآثره على نفسه وزوجته وصبيانه. ۶

1.نهج البلاغة : الكتاب ۹ .

2.مجمع البيان : ج ۲ ص ۷۹۲ .

3.الأمالي للطوسي : ص ۱۸۵ ح ۳۰۹ .

4.الحشر : ۹ .

5.راجع : تفسير نور الثقلين : ج ۵ ص ۲۸۵ ح ۵۰ و ۵۳ .

6.صحيح البخاري : ج ۳ ص ۱۳۸۲ ح ۳۵۸۷ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
292

الإيثار في القرآن والحديث

جاء استعمال لفظ الإيثار ومشتقّاته في النصوص الإسلامية بمعنيين متضادّين، إذ يُستعمل تارة بمعنى التقديم الإيجابي الذي يعدّ بدوره من أعظم القيم الأخلاقية وأسماها، كما في قوله تعالى :
«وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ» . ۱
كما يستعمل تارة اُخرى بمعنى التقديم السلبي، كما في قوله سبحانه:
«بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا * وَ الْاخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» . ۲
والجدير بالذكر أنّ هذا القسم ناهض لتبيين الإيثار الإيجابي انطلاقا من المنظور القرآني والحديثي .

1 . قيمة الإيثار

يعدّ الإيثار أحد أبرز الفضائل والقيم الإنسانية حيث نعتته كلمات القادة المعصومين بأوصاف كريمة من قبيل أنّه أسمى مكارم الأخلاق، وأرفع مراتب الإحسان ، وأعلى درجات الإيمان وأفضل عبادةٍ. وفي ثقافة الإسلام ومعياره : لا يستحقّ أحد من الناس ألقاب الفضيلة والمروءة والفتوّة ويكون بها خليقا، إلّا من تخلّق بهذه الخصلة الكريمة وحظي بها.

2 . نتائج الإيثار

فعلى عكس الاتّجاهات المادية والتيارات الوضعية التي تشيع ثقافة الأثَرة والأنانية وعبادة الذات وتصنيمها، ينظر الإسلام إلى الأنانية والأثَرة بوصفهما الأصل الذي تنشأ منه المفاسد الفردية والاجتماعية، ومن ثَمّ تراه يسعى من وراء إشاعة ثقافة الإيثار والمؤاساة وتعميمها إلى تجفيف هذا الجذر الخطير ومحاصرة تبعاته المدمّرة.
وعندما نطلّ على المسألة من زاوية نظرة دقيقة تنفذ إلى الأعماق، سندرك أنّ الإسلام استطاع من خلال هذا المنهج استيعاب الغرور الفطري للإنسان واحتوائه وتوجيهه، ومن ثَمّ استطاع أن يؤمّن له منافعه الواقعية وما يرنو إليه على المدى البعيد ، فالإنسان الذي يعيش الإيثار ويمارسه إنّما يبني ذاته ويُحسن لنفسه ويُؤمّن مصالحه الحقيقية الدائمة ، وبتعبير القرآن الكريم :
«إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ» . ۳

11 / 2 . الأمثال العليا في الإيثار

الكتاب

«وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوف بِالْعِبَادِ» . ۴

الحديث

۱۷۳۴.تنبيه الخواطر عن عائشة :ما شَبِعَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ثَلاثَةَ أيّامٍ مُتَوالِيَةً حَتّى فارَقَ الدُّنيا ، ولَو شاءَ لَشَبِعَ ، ولكِنَّهُ كانَ يُؤثِرُ عَلى نَفسِهِ . ۵

1.الحشر : ۹.

2.الأعلى : ۱۶ و ۱۷.

3.الإسراء : ۷.

4.البقرة : ۲۰۷ .

5.تنبيه الخواطر : ج ۱ ص ۱۷۲ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 232588
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي