395
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7

النّقطة المهمّة الَّتي ينبغي ألّا ننساها في مثل هذه الموضوعات هي دور المفتعِلين للحوادث والمُرجِفين . وقد وقف حسن بن زين الدين المشهور بصاحب المعالم على دور الاُمويّين في اختلاق هذه الحادثة ، وأكّده باحثون مثل السيّد جعفر مرتضى العاملي .
وسيتيسّر علينا فهم هذه النّقطة إذا عرفنا أنّ ابن عبّاس ـ نظرا إلى مكانته السامية وسمعته العلميّة الَّتي لا تُنكَر ـ كان المدافع الشجاع عن عليّ وآل عليّ عليهم السلام في ذلك العهد الاُموي الأسود ، كما كان المنتقد الجريء للاُمويّين والكاشف عن فضائحهم . علما أ نّنا لا نقول بعصمته ، ولا ننكر احتمال خطئه ، بَيْدَ أ نّا نستبعد قبول جميع ما جاء في كتب التاريخ حول هذا الموضوع ، ولا نراه لائقا بشأن ابن عبّاس ۱ .
ولذا قال ابن أبي الحديد : قد أشكل عليَّ أمر هذا الكتاب ، فإن أنا كذّبت النّقل وقلت : هذا كلام موضوع على أمير المؤمنين عليه السلام ، خالفت الرواة ، فإنّهم قد أطبقوا على رواية هذا الكلام عنه ، وقد ذكر في أكثر كتب السِّيَر ، وإن صرفته إلى عبد اللّه بن عبّاس صدّني عنه ما أعلمه من ملازمته لطاعة أمير المؤمنين عليه السلام في حياته وبعد وفاته ، وإن صرفته إلى غيره لم أعلم إلى من أصرفه من أهل أمير المؤمنين عليه السلام ، والكلام يُشعر بأنّ الرجل المخاطب من أهله وبني عمّه ، فأنا في هذا الموضع من المتوقّفين ! ۲

1.ولمزيد الاطّلاع على هذا الموضوع راجع : أعيان الشيعة : ج۸ ص۵۷ وقاموس الرجال : ج۶ ص۴۲۳ ومعجم رجال الحديث : ج۱۰ ص۲۳۳ ـ ۲۳۹ ونهج السعادة : ج۵ ص۳۲۱ ـ ۳۴۹ وكتاب «ابن عبّاس وأموال البصرة» للسيّد جعفر مرتضى العاملي .

2.شرح نهج البلاغة : ج۱۶ ص۱۷۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
394

كلام فيما نسب إلى ابن عبّاس من الخيانة

من الملاحظات المهمّة في حياة ابن عبّاس موضوع بيت المال بالبصرة ؛ فقد جاء في المصادر التاريخيّة والحديثيّة كتاريخ الطبري ، والكامل في التاريخ ، وأنساب الأشراف ، ورجال الكشّي ، ونهج البلاغة (بلا ذكر لاسمه) وأمثالها أ نّه أخذ من بيت مال البصرة . وتختلف أنظار الباحثين حول هذا الموضوع على أقوال :
أ ـ أنكره بعض الباحثين وعلماء الرجال نظرا إلى :
ـ ضعف الأسانيد .
ـ جلالة ابن عبّاس وعلمه وفضله .
ـ ارتباطه الوثيق بالإمام عليّ عليه السلام وإخلاصه له وحبّه إيّاه .
ـ دور الاُمويّين في تشويه سمعة أصحاب الإمام عليه السلام .
ب ـ اعترف قسم منهم ببعض ما حصل ، لأ نّه ورد في كتب كثيرة ، وتناقله النّاس آنذاك ، وانتُقِد ابن عبّاس عليه يومئذٍ ، فلم يرَ هؤلاء أنّ إنكاره أمر سهل .
ج ـ أقرّ بعضهم بأصل الموضوع وبتذكير الإمام عليه السلام إيّاه ، فذهبوا إلى أ نّه وقف على خطئه ، وأعاد أكثر الأموال أو بعضها . وهذا ما ذكره اليعقوبي في تاريخه ، ويبدو أنّ اليعقوبي قد تفرّد في نقله ، غير أ نّه يمكن أن يكون مفيدا في تحليل الموضوع .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج7
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 201643
الصفحه من 532
طباعه  ارسل الي