فَلَمّا صَعِدَ المِنبَرَ يَومَ الجُمُعَةِ قامَ إلَيهِ ذِمِّيٌّ مُتَمَوِّلٌ ، واستَنكَحَ مِنهُ بِنتَهُ ، قالَ عُمَرُ : إنَّكَ عِندَنا كافِرٌ ، لا تَحِلُّ بَناتُنا لِلكافِرِ ، فَقالَ الذِّمُّي : فَلِمَ زَوَّجَ نَبِيُّكُم بِنتَهُ فاطِمَةَ مِنَ الكافِرِ عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ ؟ فَصاحَ عَلَيهِ عُمَرُ فَقالَ : مَن يَقولُ إنَّ عَلِيّا كافِرٌ ؟ فَقالَ الذِمِّيُّ : إن لَم يَكُن عَلِيٌّ كافِرا فَلِمَ تَلعَنونَهُ ؟ فَتَخَجَّلَ عُمَرُ ونَزَلَ ، وكَتَبَ إلى قاضي بِلادِ الإِسلامِ : إنَّ أميرَ المُؤمِنينَ عُمَرَ بنَ عَبدِ العَزيزِ رَفَعَ لَعنَ عَلِيٍّ عليه السلام ؛ لِأَنَّ ذلِكَ كانَ بِدعَةً وضَلالَةً ، وأمَرَ القُوّادَ ـ خَمسَمِئةِ شَجعانَ ـ حَتّى لَبِسُوا السِّلاحَ تَحتَ ثِيابِهِم في جُمُعَةٍ اُخرى وصَعِدَ المِنَبرَ ، وكانَ عادَتُهُم لَعنَهُ عليه السلام آخِرَ الخُطبَةِ ، فَلَمّا خَرَجَ مِنَ الخُطبَةِ قالَ : «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْاءِحْسَـنِ وَ إِيتَآىءِ ذِى الْقُرْبى وَ يَنْهى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَالْمُنكَرِ وَ الْبَغْىِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ » مَقامَ اللَّعنِ ونَزَلَ ، فَصاحَ القَومُ مِن جَوانِبِ المَسجِدِ : كَفَرَ أميرُ المُؤمِنينَ ، وحَمَلوا عَلَيهِ لِيَقتُلوهُ ، فَنادَى القُوّادَ فَصاحَ بِهِم حَتّى أظهَرُوا الأَسلِحَةَ وخَلَّصوهُ مِن أيديهِم وَالتَجَأَ بِإِعانَةِ القُوّادِ إلى قَصرِهِ ؛ فَصارَت قِراءَةُ هذِهِ الآيَةِ سُنَّةً في آخِرِ الخُطبَةِ ؛ وتَفَرَّقَ النّاسُ قائِلينَ : غُيِّرَتِ السُّنَّةُ ، اُبدِلَتِ السُّنَّةُ ۱ .