وعندما بلغت التهديدات ذروتها سكت البعض خوفا ، واُلجم البعض الآخر حرصا على الحياة بعدما كثرت مغرياتها ، فمن يتحدّث عن عليٍّ عليه السلام ؟ ومن يُفصح عن «حقّ الخلافة» و«خلافة الحقّ» ؟ وأنكى من ذلك كلّه أنّ حزب الطُّلَقاء استحوذ على مقدّرات الاُمّة ، فنال من عليٍّ ما شاء ، واختلق ـ باطلاً ـ فضائل موهومة لبعض الصحابة كي يقلّل قبسا ولو ضئيلاً من فضائل عليٍّ ، فهل للإمام سبيل غير تعريف نفسه للاُمّة ، والإصحار بفضائله ومناقبه ؟ !
إنّه عليه السلام بكلماته المذكورة في موقع الدفاع عن المظلوم ، وهو نفسه المنادي بضرورة الدفاع عن المظلوم، ومقارعة الظالم .
4 ـ الدفاع عن حقّ الناس
عندما تُفْتَعل الأجواء الكاذبة في المجتمع ، وتجرف الدعايات المسمومة المضادّة بعض الناس باطلاً ، وتقذف ببعضهم الآخر ظلما ، ويتربّع غير الجُدَراء على دفّة الحكم ، ويتسلّمون مقاليد الأمر ، وينزوي الجدراء المؤهَّلون ويبتعدون عن مسرح الحياة ، فالتقصير على المجتمع ؛ إذ أباح ظلمهم ، وضيّع حقّه في الاستهداء بهم والاستنارة بجدارتهم .
فالنضال ضدّ هذه الأجواء الكاذبة ، وإعادة الحقّ إلى نصابه يمثّلان دفاعا عن حقّ الناس . ومن كان يمتري في أنّ عليّا عليه السلام كان الأجدر الأكفأ ؟ أ لم يَقُل عمر بن الخطّاب : «إنَّهُ لَأَحراهُم أن يُقيمَهُم عَلى طَريقَةٍ مِنَ الحَقِّ» ۱ ؟ فماذا يفعل الناس في خضمّ حضورهم ؟ ! وإذا عرّف الإمام عليه السلام نفسه وتحدّث عن جدارته ولياقته فإنّما يدافع عن حقّ الناس الثابت ، أي حقّ معرفة الأجدر ، وتحكيم الأصلح .