كَعَبدِ المُطَّلِبِ . ولا أبو سُفيانَ كَأَبي طالِبٍ . ولَا المُهاجِرُ كَالطَّليقِ ، ولَا الصَّريحُ كَاللَّصيقِ . ولَا المُحِقُّ كَالمُبطِلِ ، ولَا المُؤمِنُ كَالمُدغِلِ ۱ . ولَبِئسَ الخَلَفُ خَلَفٌ يَتبَعُ سَلَفا هَوى في نارِ جَهَنَّمَ .
وفي أيدينا بَعدُ فَضلُ النُّبُوَّةِ الَّتي أذلَلنا بِهَا العَزيزَ ونَعَشنا بِهَا الذَّليلَ . ولَمّا أدخَلَ اللّهُ العَرَبَ في دينِهِ أفواجا ، وأسلَمَت لَهُ هذِهِ الاُمَّةُ طَوعا وكَرها ، كُنتُم مِمَّن دَخَلَ فِي الدّينِ إمّا رَغبَةً وإمّا رَهبَةً ، عَلى حينَ فازَ أهلُ السَّبقِ بِسَبقِهِم ، وذَهَبَ المُهاجَرونَ الأَوَّلونَ بِفَضلِهِم ؛ فَلا تَجعَلَنَّ لِلشَّيطانِ فيكَ نَصيبا ، ولا عَلى نَفسِكَ سَبيلاً ۲ .
9 / 23
مُعاوِيَةُ يَتَوسَّلُ بِابنِ عَبّاسٍ
۲۵۴۹.أنساب الأشراف عن عيسى بن يزيد :لَمّا قامَتِ الحَربُ بَينَ عَلِيٍّ ومُعاوِيَةَ بِصِفّينَ ، فَتَحارَبوا أيّاما قالَ مُعاوِيَةُ لِعَمرِو بنِ العاصِ في بَعضِ أيّامِهِم : إنَّ رَأسَ النّاسِ مَعَ عَلِيٍّ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ ، فَلَو ألقَيتَ إلَيهِ كِتابا تَعطِفُهُ بِهِ ؛ فَإِنَّهُ إن قالَ قَولاً لَم يَخرُج مِنهُ عَلِيٌّ ، وقَد أكَلَتنا هذِهِ الحَربُ . فَقالَ عَمرٌو : إنَّ ابنَ عَبّاسٍ أرِيبٌ ۳ لا يُخدَعُ ولَو طَمِعتَ فيهِ لَطَمِعتَ في عَلِيٍّ . قالَ : صَدَقتَ إنَّه لَأَرِيبٌ ، ولكِن اكتُب إلَيهِ عَلى ذلِكَ ، فَكَتَبَ إلَيهِ :
مِن عَمرِو بنِ العاصِ إلى عَبدِ اللّهِ بنِ العَبّاسِ .
أمّا بَعدُ ؛ فَإِنَّ الَّذي نَحنُ وأنتُم فيهِ ، لَيسَ بِأَوَّلِ أمرٍ قادَهُ البَلاءُ ، وساقَهُ سَفَهُ العاقِبَةِ ، وأنتَ رَأسُ هذَا الأَمرِ بَعدَ عَلِيٍّ ، فَانظُر فيما بَقِيَ بِغَيرِ ما مَضى ، فَوَاللّهِ ما أبقَت هذِهِ الحَربُ لَنا ولا لَكُم حيلَةً ، وَاعلَم أنَّ الشّامَ لا يُملَكُ إلّا بِهَلاكِ العِراقِ ، وأن
1.رجل مُدْغِل : مخابٌّ مُفسِد ، وأدغل في الأمر : أدخلَ فيه ما يفسده ويخالفه (لسان العرب : ج۱۱ ص۲۴۴) .
2.نهج البلاغة : الكتاب ۱۷ ، بحار الأنوار : ج۳۳ ص۱۰۴ ح۴۰۷ وراجع جواهر المطالب : ج۱ ص۳۶۲ .
3.من الإرب ؛ وهو الدهاء والبصر بالاُمور ، وهو من العقل (لسان العرب : ج۱ ص۲۰۹) .