277
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

الفصل الثاني : هويّة رؤساء القاسطين

2 / 1

مُعاوِيَةُ بنُ أبي سُفيانَ

ولد في سنة 20 قبل الهجرة وأسلم سنة 8 ه مُكرها تحت بوارق فرسان الإسلام ، وعُرف هو وأضرابه بـ«الطُّلَقاء» .
ولّاه عمر على الشام ، فانتهج لنفسه اُسلوبا تحكّميّا سلطويّا ، وضرب على وتر الاستقلال مذ نُصب واليا عليه ، وتساهل معه عمر لأسبابٍ ما ۱ .

1.قيل : «ولقد كانت هناك اعتراضات على عمر بن الخطّاب في توليته بعض الناس ؛ روي أنّه لمّا ولي معاوية الشام قال الناس : ولي معاوية ! فقال لهم : لا تذكروا معاوية إلّا بخير ؛ فإنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : اللهمّ اهْدِ بِهِ ( البداية والنهاية : ج۸ ص۱۲۲) . ومن المعروف أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يدعو لاُمّته كلّها بالهداية . ومن العجيب أنّ حديث «اللهمّ اهْدِ بِه» حديث ضعيف ، إلّا أنّ ابن كثير دافع عنه والتمس له الأعذار . وهذا الموقف لا نجده إذا كان يتعلّق بحديث صحيح لمعسكر غير معسكر معاوية . ومن الذين اعترضوا على عمليّة التوظيف هذه حذيفة رضى الله عنه ، قال لعمر : إنّك تستعين بالرجل الفاجر ! فقال عمر : إنّي لأستعمله لأستعين بقوّته ، ثمّ أكون على قفائه (كنز العمّال : ج۵ ص۷۷۱ ح۱۴۳۳۸ نقلاً عن أبي عبيد) ، وكما ذكرنا من قبل إنّ اللّه نهى عن اتّخاذ بطانة ينتهي طريقها بخروج الحياة الدينيّة ودخول حياة اُخرى تحت أيّ اسم آخر . والنبيّ صلى الله عليه و آله كان إذا استعمل أحدا وصّاه ، وكان يتبرّأ من أيّ عمل لا يصبّ في وعاء الدين والحياة الدينيّة ، وكان وراء ذلك كلّه الوحي . وبعد رحيل النبيّ صلى الله عليه و آله كانت للحياة الدينيّة سياسة ، وهذه السياسة يمكن للباحث أن يكتشفها بسهولة في خلافة أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب . فلقد قيل له : أن يُبقي على الاُمراء في أوّل عهده حتى يستتبّ له الأمر . لكنّه أبى إلّا أن يعزلهم ؛ لأنّه علم من النبيّ صلى الله عليه و آله نهاية الطريق الذي يركبه هؤلاء الاُمراء . وما دام الطريق لا يصبّ في المصبّ الصحيح فلا بديل لخلعهم . ما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من دهاء معاوية وعمرو والمغيرة ؟ وما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من عضلات أبو الأعور وبسر بن أرطأة ؟ وما هي الفائدة التي ستعود على الدعوة من وراء كعب الأحبار وأبي زبيد وتلميذ مسيلمة الكذّاب وطلحة بن خويلد ؟ قلت : الدعوة ، ولم أقُل ما هي الفائدة التي ستعود على المسلمين . ثمّ ما هي النتيجة ؟ ليس بعد ألف عام ، ولكن في القرن الأوّل فقط . ولقد اتّسعت الدائرة بعد ذلك في عهد عثمان بن عفّان ، فمن الذين ذكرناهم ممّن اتّسع نفوذهم عمّا كان عليه في عهد أبي بكر وعمر وزاد عثمان القائمة بآخرين ...» (معالم الفتن : ج۱ ص۳۷۰) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
276
  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 149062
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي