187
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

أيُّهَا القَومُ ! كُفّوا، ما إيّاكُم يَسأَلُ .
قال : فَلَم أبرَح عَنِ العَسكَرِ حَتّى قَدِمَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام أهلُ الكوفَةِ فَجَعَلوا يَقولونَ : نَرى إخوانَنا مِن أهلِ البَصرَةِ يُقاتِلونَنا ، وجَعَلوا يَضحَكونَ ويَعجَبونَ ويَقولونَ : وَاللّهِ لَوِ التَقَينا لَتَعاطَينَا الحَقَّ ، كَأَنَّهُم يَرَون أنَّهُم لا يَقتَتِلونَ .
وخَرَجتُ بِكِتابَي عَلِيٍّ عليه السلام فَأَتَيتُ أحَدَ الرَّجُلَينِ فَقَبِلَ الكِتابَ وأجابَهُ ، ودُلِلتُ عَلَى الآخَرِ ، وكانَ مُتَوارِياً ، فَلَو أنَّهُم قالوا لَهُ : كُلَيبٌ ، ما أذِنَ لي ، فَدَخَلتُ عَلَيهِ ودَفَعتُ الكتابَ إلَيهِ وقُلتُ : هذا كِتابُ عَلِيٍّ، وأخبَرتُهُ الخَبَرَ وقُلتُ : إنّي أخبَرتُ عَلِيّاً أنَّكَ سَيِّدُ قَومِكَ . فَأَبى أن يَقبَلَ الكِتابَ ولَم يُجِبهُ إلى ما سَأَلَهُ وقالَ : لا حاجَةَ لِيَ اليَومَ فِي السُّؤدَدِ .
فَوَاللّهِ ، إنّي لَبِالبَصرَةِ ما رَجَعتُ إلى عَلِيٍّ حَتّى نَزَلَ العَسكَرُ ، ورَأَيتُ القَومَ الَّذينَ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام فَطَلَعَ القَومُ ۱ .

تَعليقٌ

تشير الأكثريّة القريبة من الاتّفاق من النصوص التاريخيّة إلى أنّ عثمان بن حنيف قدم على الإمام وهو في ذي قار ، غير أنّ بعض المصادر تذكر بأنّه قدم عليه حينما كان في الرَّبَذة ۲ .
ويبدو أنّ القول الأوّل أقرب إلى الواقع ؛ لأنّ الإمام عليّا عليه السلام كان يلاحق أصحاب الجمل ، ولم تكن تفصله عنهم مسافة كبيرة .
علما أنّ الإمام عليه السلام كان قد كتب من الرَّبَذة رسالة إلى عثمان بن حُنيف يُعلمه فيها بمسير أصحاب الجمل صوب البصرة . ونظرا لبعد الرَّبَذة عن البصرة ، يُستبعد أن

1.الجمل : ص۲۹۰ وراجع المصنّف لابن أبي شيبة : ج۸ ص۷۰۳ ح۱ .

2.تاريخ الطبري : ج۴ ص۴۸۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
186

فَقالَ : أنتَ مُبَلِّغُهُما كِتابَينِ مِنّي ؟
قُلتُ : نَعَم .
قالَ : أفَلا تُبايِعونّي ؟
فَبايَعَهُ الشَّيخانِ اللَّذانِ كانا مَعي وتَوَقَّفتُ عَن بَيعَتِهِ . فَجَعَلَ رِجالٌ عِندَهُ قَد أكَلَ السُّجودُ وُجوهَهُم يَقولونَ : بايِع، بايِع .
فَقالَ عليه السلام : دَعُوا الرَّجُلَ .
فَقُلتُ : إنَّما بَعَثَني قَومي رائِدا وساُنهي إلَيهِم ما رَأَيتُ ، فَإِن بايَعوا بايَعتُ ، وإنِ اعتَزَلُوا اعتَزَلتُ .
فَقالَ لي : أ رَأَيتَ لَو أنَّ قَومَكَ بَعثوكَ رائِدا فَرَأَيتَ رَوضَةً وغَديرا ، فَقُلتَ : يا قَومي، النُّجعَةَ ۱ النُّجعَةَ ! فَأَبَوا ، ما كُنتَ بِمُستَنجِحٍ ۲ بِنَفسِكَ ؟
فَأَخَذتُ بِإِصبَعٍ مِن أصابِعِهِ وقُلتُ : اُبايِعُكَ عَلى أن اُطيعَكَ ما أطَعتَ اللّهَ ، فَإِذا عَصَيتَهُ فَلا طاعَةَ لَكَ عَلَيَّ .
فَقالَ : نَعَم . وطَوَّلَ بِها صَوتَهُ ، فَضَرَبتُ عَلى يَدِهِ .
ثُمَّ التَفَتَ إلى مُحَمَّدِ بنِ حاطِبٍ ، وكانَ في ناحِيَةِ القَومِ ، فَقالَ :
إذَا انطَلَقتَ إلى قَومِكَ فَأَبلِغهُم كُتُبي وقَولي .
فَتَحَوَّلَ إلَيهِ مُحَمَّدٌ حَتّى جَلَسَ بَينَ يَدَيهِ وقالَ : إنَّ قَومي إذا أتَيتُهُم يَقولونَ : ما يَقولُ صاحِبُكَ في عُثمانَ ؟ فَسَبَّ عُثمانَ الَّذينَ حَولَهُ ، فَرَأَيتُ عَلِيّا قَد كَرِهَ ذلِكَ حَتّى رَشَحَ جَبينُهُ وقالَ :

1.النُجْعَةُ : طلب الكلأ ومَساقطِ الغَيْث (النهاية : ج۵ ص۲۲) .

2.هكذا في المصدر، ولعلّ الصواب: «بِمُستَنجِعٍ»؛ من النُّجعَةِ: وهي طَلَبُ الكلَاَ ومساقط الغيث (اُنظر لسان العرب : ج۸ ص۳۴۷) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 149181
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي