أيُّهَا القَومُ ! كُفّوا، ما إيّاكُم يَسأَلُ .
قال : فَلَم أبرَح عَنِ العَسكَرِ حَتّى قَدِمَ عَلى عَلِيٍّ عليه السلام أهلُ الكوفَةِ فَجَعَلوا يَقولونَ : نَرى إخوانَنا مِن أهلِ البَصرَةِ يُقاتِلونَنا ، وجَعَلوا يَضحَكونَ ويَعجَبونَ ويَقولونَ : وَاللّهِ لَوِ التَقَينا لَتَعاطَينَا الحَقَّ ، كَأَنَّهُم يَرَون أنَّهُم لا يَقتَتِلونَ .
وخَرَجتُ بِكِتابَي عَلِيٍّ عليه السلام فَأَتَيتُ أحَدَ الرَّجُلَينِ فَقَبِلَ الكِتابَ وأجابَهُ ، ودُلِلتُ عَلَى الآخَرِ ، وكانَ مُتَوارِياً ، فَلَو أنَّهُم قالوا لَهُ : كُلَيبٌ ، ما أذِنَ لي ، فَدَخَلتُ عَلَيهِ ودَفَعتُ الكتابَ إلَيهِ وقُلتُ : هذا كِتابُ عَلِيٍّ، وأخبَرتُهُ الخَبَرَ وقُلتُ : إنّي أخبَرتُ عَلِيّاً أنَّكَ سَيِّدُ قَومِكَ . فَأَبى أن يَقبَلَ الكِتابَ ولَم يُجِبهُ إلى ما سَأَلَهُ وقالَ : لا حاجَةَ لِيَ اليَومَ فِي السُّؤدَدِ .
فَوَاللّهِ ، إنّي لَبِالبَصرَةِ ما رَجَعتُ إلى عَلِيٍّ حَتّى نَزَلَ العَسكَرُ ، ورَأَيتُ القَومَ الَّذينَ مَعَ عَلِيٍّ عليه السلام فَطَلَعَ القَومُ ۱ .
تَعليقٌ
تشير الأكثريّة القريبة من الاتّفاق من النصوص التاريخيّة إلى أنّ عثمان بن حنيف قدم على الإمام وهو في ذي قار ، غير أنّ بعض المصادر تذكر بأنّه قدم عليه حينما كان في الرَّبَذة ۲ .
ويبدو أنّ القول الأوّل أقرب إلى الواقع ؛ لأنّ الإمام عليّا عليه السلام كان يلاحق أصحاب الجمل ، ولم تكن تفصله عنهم مسافة كبيرة .
علما أنّ الإمام عليه السلام كان قد كتب من الرَّبَذة رسالة إلى عثمان بن حُنيف يُعلمه فيها بمسير أصحاب الجمل صوب البصرة . ونظرا لبعد الرَّبَذة عن البصرة ، يُستبعد أن