183
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

خَطيبا فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
يا أهلَ الكوفَةِ ! إنَّكُم مِن أكرَمِ المُسلِمينَ وأقصَدِهِم تَقويما ، وأعدَلِهِم سُنَّةً ، وأفضَلِهِم سَهما فِي الإِسلامِ ، وأجوَدِهِم فِي العَرَبِ مُرَكَّبا ۱ ونِصابا ۲ ، أنتُم أشَدُّ العَرَبِ وُدّا لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ولِأَهلِ بَيتِهِ ، وإنَّما جِئتُكُم ثِقَةً ـ بَعدَ اللّهِ ـ بِكُم لِلَّذي بَذَلتُم مِن أنفُسِكُم عِندَ نَقضِ طَلحَةَ والزُّبَيرِ وخَلعِهِما طاعَتي ، وإقبالِهِما بِعائِشَةَ لِلفِتنَةِ ، وإخراجِهِما إيّاها مِن بَيتِها حَتّى أقدَماهَا البَصرَةَ ، فَاستَغوَوا طَغامَها وغَوغاءَها ، مَعَ أنَّهّ قَد بَلَغَني أنَّ أهل الفَضلِ مِنهُم وخِيارَهُم فِي الدّينِ قَدِ اعتَزَلوا وكَرِهوا ما صَنَعَ طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ .
ثُمَّ سَكَتَ ، فَقالَ أهلُ الكوفَةِ : نَحنُ أنصارُكَ وأعوانُكَ عَلى عَدُوِّكَ ، ولَو دَعَوتَنا إلى أضعافِهِم مِنَ النّاسِ احتَسَبنا في ذلِكَ الخَيرَ ورَجَوناهُ ۳ .

7 / 3

قُدومُ عُثمانَ بنِ حُنَيفٍ

۲۱۸۴.تاريخ الطبري عن محمّد وطلحة :لَمّا نَزَلَ عَلِيٌّ الثَّعلَبِيَّةَ ۴ أتاهُ الَّذي لَقِيَ عُثمانُ بنُ حُنَيفٍ وحَرَسُهُ ، فَقامَ وأخبَرَ القَومَ الخَبَرَ وقالَ : اللّهُمَّ عافِني مِمّا ابتَلَيتَ بِهِ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ مِن قَتلِ المُسلَمينَ وسَلِّمنا مِنهُم أجمَعينَ .
ولَمَّا انتَهى إلَى الاسادِ ۵ أتاهُ ما لَقِيَ حُكَيمُ بنُ جَبَلَةَ وقَتَلَةُ عُثمانَ بنِ عَفّانٍ ،

1.المُرَكَّب : الأصل والمنبت ؛ تقول : فلانٌ كريم المُرَكّب ؛ أي كريم أصل منصبه في قومه (لسان العرب : ج۱ ص۴۳۲) .

2.نصاب كلُّ شيء أصله (لسان العرب : ج۱ ص۷۶۱) .

3.الإرشاد : ج۱ ص۲۴۹ ، الجمل : ص۲۶۶ نحوه .

4.الثَّعْلَبيَّة : من منازل طريق مكّة من الكوفة بعد الشقوق وقبل الخزيمية (معجم البلدان : ج۲ ص۷۸) .

5.كذا في المصدر ، ولعلّ الصحيح «الأَساوِد» : وهو اسم ماء على يسار الطريق للقاصد إلى مكّة من الكوفة (معجم البلدان : ج۱ ص۱۷۱) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
182

أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ اللّهَ تَعالى فَرَضَ الجِهادَ وعَظَّمَهُ وجَعَلَهُ نُصرَةً لَهُ ، وَاللّهِ ، ما صَلَحَت دُنيا قَطُّ ولا دينٌ إلّا بِهِ ، وإنَّ الشَّيطانَ قَد جَمَعَ حِزبَهُ وَاستَجلَبَ خَيلَهُ، وشَبَّهَ في ذلِكَ وخَدَعَ ، وقَد بانَتِ الاُمورُ وتَمَخَّضَت ، وَاللّهِ ما أنكَروا عَلَيَّ مُنكَرا ، ولا جَعَلوا بَيني وبَينَهُم نِصفا ، وإنَّهُم لَيَطلُبونَ حَقّا تَرَكوهُ ودَما هُم سَفَكوهُ ! ولَئِن كُنتُ شَرِكتُهُم فيهِ ، إنَّ لَهُم لَنَصيبَهُم مِنهُ ، ولَئِن كانوا وَلوهُ دوني فَما تَبِعتُهُ إلّا قِبَلَهُم ، وإنَّ أعظَمَ حُجَّتِهِم لَعَلى أنفُسِهِم ، وإنّي لَعَلى بَصيرَتي ما لُبِّسَت عَلَيَّ ، وإنَّها لَلفِئَةُ الباغِيَةُ، فيهَا الحُمّى وَالحُمَةُ ۱ ، قَد طالَت هُلبَتُها ۲ ، وأمكَنَت دِرَّتُها ۳ ، يَرضَعونَ اُمّا فَطَمَت ، ويُحيونَ بَيعَةً تُرِكَت ؛ لِيَعودَ الضَّلالُ إلى نِصابِهِ .
ما أعتَذِرُ مِمّا فَعَلتُ ، ولا أتَبَرَّأُ مِمّا صَنَعتُ ، فَخَيَبَةً لِلدّاعي ومَن دَعا ، لَو قيلَ لَهُ : إلى مَن دَعواكَ ؟ وإلى مَن أجَبتَ ؟ ومَن إمامُك ؟ وما سُنَّتُهُ ؟ إذا لَزاحَ الباطِلُ عَن مَقامِهِ ، ولَصَمَتَ لِسانُهُ فَما نَطَقَ . وَايمُ اللّهِ ، لَأُفرِطَنَّ ۴ لَهُم حَوضا أنَا ماتِحُهُ ۵ ، لا يَصدُرونَ عَنهُ ولا يَلقَونَ بَعدَهُ رِيّا أبَدا ، وإنّي لَراضٍ بِحُجَّةِ اللّهِ عَلَيهِم وعُذرِهِ فيهِم ، إذ أنَا داعيهِم فَمُعذِرٌ إلَيهِم ، فَإِن تابوا وأقبَلوا فَالتَّوبَةُ مَبذولَةٌ وَالحَقُّ مَقبولٌ ، ولَيسَ عَلَى اللّهِ كُفرانٌ ، وإن أبَوا أعطَيتُهُم حَدَّ السَّيفِ وكَفى بِهِ شافِيا مِن باطِلٍ وناصِرا لِمُؤمِنٍ ۶ .

۲۱۸۳.الإرشاد عن سلمة بن كهيل :لَمَّا التَقى أهلُ الكوفَةِ وأميرُ المؤمِنينَ عليه السلام بِذي قارٍ رَحَّبوا بِهِ وقالوا : الحَمدُ للّهِِ الَّذي خَصَّنا بِجِوارِكَ وأكرَمَنا بِنُصرَتِكَ . فَقامَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام فيهِم

1.حُمَة العقرب : سمّها وضرّها (تاج العروس : ج۱۹ ص۳۴۴) أي في هذه الفئة الأذى والضرر والفساد .

2.الهُلْب : الشَّعَر . وقيل : هو ما غلُظ من شعر الذَّنَب وغيره (النهاية : ج۵ ص۲۶۹) .

3.الدِّرَّة : كثرة اللبن وسيلانه (لسان العرب : ج۴ ص۲۷۹) .

4.أفرط الحوض: أي ملأه . يُفرط فيه: أي يكثر في صبّ الماء فيه (لسان العرب : ج۷ ص۳۶۶) .

5.الماتح : المستقي من البئر بالدَّلْو من أعلى البئر (النهاية : ج۴ ص۲۹۱) .

6.الإرشاد : ج۱ ص۲۵۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 149178
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي