181
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

فَإِن كانَ عادِلاً نَجا ، وإن كانَ جائِرا هَوى» .
حَتَّى اجتَمَعَ عَلَيَّ مَلَؤُكُم ، وبايَعَني طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ ، وأنَا أعرِفُ الغَدرَ في أوجُهِهِما ، وَالنَّكثَ في أعيُنِهِما ، ثُمَّ استَأذَناني فِي العُمرَةِ ، فَأَعلَمتُهُما أن لَيسَ العُمرَةَ يُريدانِ ، فَسارا إلى مَكَّةَ وَاستَخَفّا عائِشَةَ وخَدَعاها ، وشَخَصَ مَعَهُما أبناءُ الطُّلَقاءِ ، فَقَدِمُوا البَصرَةَ ، فَقَتَلوا بِهَا المُسلِمينَ ، وفَعَلوا المُنكَرَ . ويا عَجَبا لِاستِقامَتِهِما لِأَبي بَكرٍ وعُمَرَ وَبغيِهِما عَلَيَّ ! وهُما يَعلَمانِ أنّي لَستُ دونَ أحَدهِمِا ، ولَو شِئتُ أن أقولَ لَقُلتُ ، ولَقَد كانَ مُعاوِيَةُ كَتَبَ إلَيهِما مِنَ الشّامِ كِتابا يَخدَعُهُما فيهِ ، فَكَتَماهُ عَنّي ، وخَرَجا يوهِمانِ الطَّغامَ ۱ أنَّهُما يَطلُبانِ بِدَمِ عُثمانَ .
وَاللّهِ ، ما أنكَرا عَلَيَّ مُنكَرا ، ولا جَعَلا بَيني وبَينَهُم نَصِفا ۲ ، وإنَّ دَمَ عُثمانَ لَمَعصوبٌ بِهِما ، ومَطلوبٌ مِنهُما .
يا خَيبَةَ الدّاعي ! إلامَ دَعا ؟ وبِماذا اُجيبَ ؟ وَاللّهِ ، إنَّهُما لَعَلى ضَلالَةٍ صَمّاءَ ، وجَهالَةٍ عَمياءَ ، وإنَّ الشَّيطانَ قَد ذَمَّرَ لَهُما حِزبَهُ ، وَاستَجلَبَ مِنهُما خَيلَهُ ورَجِلَهُ ، لِيُعيدَ الجَورَ إلى أوطانِهِ ، وَيُردَّ الباطِلَ إلى نِصابِهِ .
ثُمَّ رَفَعَ يَدَيهِ ، فَقالَ :
اللّهُمَّ إنَّ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ قَطَعاني ، وظَلَماني ، وألّبَا عَلَيَّ ، ونَكَثا بَيعَتي ، فَاحلُل ما عَقَدا ، وَانكُث ما أبرَما ، ولا تغفِر لَهُما أبَدا ، وأرِهِمَا المَساءَةَ فيما عَمِلا وأمَّلا ! ۳

۲۱۸۲.الإرشاد :مِن كَلامِهِ عليه السلام ـ وقَد نَهَضَ مِن ذي قارٍ مُتَوَجِّها إلَى البَصرَةِ ـ بَعدَ حَمدِ اللّهِ وَالثَّناءِ عَليهِ وَالصَّلاةِ عَلى رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله :

1.الطَّغام : من لا عقل له ولا معرفة ، وقيل : هم أوغاد الناس وأراذلهم (النهاية : ج۳ ص۱۲۸) .

2.النِّصْف : الانْتِصاف . وَقد أنْصَفَه من خَصْمِه ، يُنْصِفُه إنْصافاً (النهاية : ج۵ ص۶۶) .

3.شرح نهج البلاغة : ج۱ ص۳۰۹ ؛ الجمل : ص۲۶۷ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۶۳ وراجع نهج البلاغة : الخطبة ۲۲ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
180

7 / 2

خُطَبُ الإِمامِ بِذي قارٍ

۲۱۸۰.نهج البلاغةـ في ذِكرِ خُطبَةٍ لَهُ عليه السلام عِندَ خُروجِهِ لِقتالِ أهلِ البَصرَةِ ـ: قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ عَبّاسٍ : دَخَلتُ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام بِذي قارٍ وهُوَ يَخصِفُ نَعلَهُ ، فَقالَ لي : ما قيمَةُ هذَا النَّعلِ ؟ فَقُلتُ : لا قيمَةَ لَها ! فَقالَ عليه السلام : وَاللّهِ لَهِيَ أحَبُّ إلَيَّ مِن إمرَتِكُم، إلّا أن اُقيمَ حَقّا أو أدفَعَ باطِلاً . ثُمَّ خَرَجَ فَخَطَبَ النّاسَ فَقالَ :
إنَّ اللّهَ بَعَثَ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ولَيسَ أحَدٌ مِنَ العَرَبِ يَقرَأُ كِتابا ولا يَدّعي نُبُوَّةً ، فَساقَ النّاسَ حَتّى بَوَّأَهُم محَلَّتَهُم وبَلَّغَهُم مَنجاتَهُم ، فَاستَقامَت قَناتُهُم وَاطمَأَنَّت صَفاتُهُم .
أمَا وَاللّهِ ، إن كُنتُ لَفي ساقَتِها ۱ حَتّى تَوَلَّت بِحَذافيرِها ، ما عَجَزتُ ولا جَبُنتُ ، وإنَّ مَسيري هذا لِمِثلِها ، فَلَأَنقُبَنَّ الباطِلَ حَتّى يَخرُجَ الحَقُّ مِن جَنبِهِ .
ما لي ولِقُرِيشٍ ! وَاللّهِ ، لَقَد قاتَلتُهُم كافرينَ ولَاُقاتِلَنَّهُم مَفتونينَ ، وإنّي لَصاحِبُهُم بِالأَمسِ كَما أنَا صاحِبُهُمُ اليَومَ ! وَاللّهِ ما تَنقِمُ مِنّا قُرَيشٌ إلّا أنَّ اللّهَ اختارَنا عَلَيهِم ، فَأَدخَلناهُم في حَيِّزِنا، فكانوا كَما قالَ الأَوَّلُ :

أدَمتَ لَعَمري شُربَكَ المَحضَ صابِحاً
وأكلَكَ بِالزُّبدِ المُقَشَّرَةَ البُجرا

ونَحنُ وَهَبناكَ العَلاءَ ولَم تَكُن
عَلِيّا وحُطنا حَولَكَ الجُردَ وَالسُّمرا۲

۲۱۸۱.شرح نهج البلاغة عن زيد بن صوحان:شَهِدتُ عَلِيّا عليه السلام بِذي قارٍ وهُوَ مُعتَمٌّ بِعِمامَةً سَوداءَ مُلتَفٌّ بِساجٍ يَخطُبُ، فَقالَ في خُطبَةٍ :... قَد عَلِمَ اللّهُ سُبحانَهُ أنّي كُنتُ كارِها لِلحُكومَةِ بَينَ اُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، ولَقَد سَمِعتُه يَقولُ : «ما مِن والٍ يَلي شَيئا مِن أمرِ اُمَّتي إلّا اُتِيَ بِهِ يَومَ القِيامَةِ مَغلولَةً يَداهُ إلى عُنُقِهِ عَلى رُؤوسِ الخَلائِقِ ، ثُمَّ يُنشَرُ كِتابُهُ ،

1.السَّاقةُ : جمعُ سائق ، وهم الذين يَسوقون جيش الغُزاة ويكونون من ورائه يحفظونه (النهاية : ج۲ ص۴۲۴) .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۳۳ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۷۶ ح۵۰ وراجع الإرشاد : ج۱ ص۲۴۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 149091
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي