103
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3

ـ ثُمَّ قالَ عليه السلام : ـ رَحِمَ اللّهُ رَجُلاً رَأى حَقّا فَأَعانَ عَلَيهِ ، أو رَأى جَورا فَرَدَّهُ ، وكانَ عَونا بِالحَقِّ عَلى صاحِبِهِ ۱ .

3 / 4

خُروجُ طَلحَةَ وَالزُّبَيرِ إلى مَكَّةَ

في أعقاب عدّة أيّام من المداولات التي أجراها طلحة والزبير مع الإمام في سبيل الحصول على بعض المناصب الحكوميّة ۲ ، وكسب الامتيازات الاقتصاديّة ، ولم تتمخّض هذه المباحثات إلّا عن رفضه الانصياع لمطاليبهم ، تناهى إليهم خبر إعلان عائشة في مكّة عن معارضتها للإمام ، والبراءة من قتلة عثمان . ومن جهة اُخرى فقد فرّ بعض عمّال عثمان برفقة الأموال التي نهبوها من بيت المال إلى مكّة خوفا من حساب الإمام لهم .
وهكذا فقد عزم كلّ من طلحة والزبير على الذهاب إلى مكّة ، والإعلان عن معارضتهما لحكومة الإمام من هناك . فجاءاه وهما يضمران هذه النيّة .

۲۱۰۵.الجمل :فَلَمّا دَخَلا [ طَلحَةُ وَالزُّبَيرُ ] عَلَيهِ قالا : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! قَد جِئناكَ نَستَأذِنُكَ لِلخُروجِ فِي العُمرَةِ . فَلَم يَأذَن لَهُما .
فَقالا : نَحنُ بَعيدُو العَهدِ بِها ، اِئذَن لَنا فيها .
فَقالَ لَهُما : وَاللّهِ، ما تُريدانِ العُمرَةَ، ولكِنَّكُما تُريدانِ الغُدرَةَ ! وإِنَّما تُريدانِ البَصرَةَ !
فَقالا : اللّهُمَّ غَفرا ، ما نُريدُ إلَا العُمرَةَ .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۰۵ ، بحار الأنوار : ج۳۲ ص۵۰ ح۳۴ ؛ المعيار والموازنة : ص۱۱۳ و ۱۱۴ .

2.الجمل : ص۱۶۴ . راجـع : ص ۳۱ (الاستعلاء) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
102

وَالأَموالُ ، ومَتى تَمَلَّكا رِقابَ النّاسِ يَستَميلَا السَّفيهَ بِالطَّمَعِ ، ويَضرِبَا الضَّعيفَ بِالبَلاءِ ، ويَقوَيا عَلَى القَوِيِّ بِالسُّلطانِ ، ولَو كُنتُ مُستَعمِلاً أحَدا لِضُرِّهِ وَنَفعِهِ لَاستَعمَلتُ مُعاوِيَةَ عَلَى الشّامِ ، ولولا ما ظَهَرَ لي مِن حِرصِهِما عَلَى الوِلايَةِ ، لَكانَ لي فيهِما رَأيٌ ۱ .

۲۱۰۴.الإمام عليّ عليه السلامـ مِن كَلامٍ لَهُ عليه السلام كَلَّمَ بِهِ طَلحَةَ وَالزُّبَيرَ بَعدَ بَيعَتِهِ بِالخِلافَةِ ، وقَد عَتَبا عَلَيهِ مِن تَركِ مَشورَتِهِما وَالِاستِعانَةِ فِي الاُمورِ بِهِما ـ: لَقَد نَقَمتُما يَسيرا ، وأَرجَأتُما كثَيرا . أ لا تُخبِرانّي ، أيُّ شَيءٍ كانَ لَكُما فيهِ حَقٌّ دَفَعتُكُما عَنهُ ؟ أم أيُّ قِسمٍ استَأثَرتُ عَلَيكُما بِهِ ؟ أم أيُّ حَقٍّ رَفَعَهُ إلَيَّ أحَدٌ مِنَ المُسلِمينَ ضَعُفتُ عَنهُ ، أم جَهِلتُهُ ، أم أخطَأتُ بابَهُ ؟
وَاللّهِ ، ما كانَت لي فِي الخِلافَةِ رَغبَةٌ ، ولا فِي الوِلايَةِ إربَةٌ ۲ ، ولكِنَّكُم دَعَوتُموني إلَيها ، وحَمَلتُموني عَلَيها ، فَلَمّا أفضَت إلَيَّ نَظرتُ إلى كِتابِ اللّهِ وما وَضَعَ لَنا ، وأَمَرَنا بِالحُكمِ بِهِ فَاتَّبَعتُهُ ، ومَا استَنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله فَاقتَدَيتُهُ ، فَلَم أحتَج في ذلِكَ إلى رَأيِكُما ، ولا رَأيِ غَيرِكُما ، ولا وَقَعَ حُكمٌ جَهِلتُهُ فَأَستَشيرَكُما وإِخواني مِنَ المُسلِمينَ ، ولَو كانَ ذلِكَ لَم أرغَب عَنكُما ، ولا عَن غَيرِكُما .
وأَمّا ما ذَكَرتُما مِن أمرِ الاُسوَةِ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أمرٌ لَم أحكُم أنَا فيهِ بِرَأيي ، ولا وَلَيتُهُ هَوىً مِنّي ، بَل وَجَدتُ أنَا وأَنتُما ما جاءَ بِهِ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله قَد فُرِغَ مِنهُ ، فَلَم أحتَج إلَيكُما فيما قَد فَرَغَ اللّهُ مِن قَسمِهِ ، وأَمضى فيهِ حُكمُهُ ، فَلَيسَ لَكُما ـ وَاللّهِ ـ عِندي ولا لِغَيرِكُما في هَذا عُتبى ۳ . أخَذَ اللّهُ بِقُلوبِنا وقُلوبِكُم إلَى الحَقِّ ، وأَلهَمَنا وإِيّاكُمُ الصَّبرَ .

1.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۷۱ وراجع الجمل : ص۱۶۴ والمسترشد : ص۴۱۸ ح۱۴۱ .

2.أي حاجة (النهاية : ج۱ ص۳۶) .

3.العُتْبى : الرجوع من الذنب والإساءة (النهاية : ج۳ ص۱۷۵) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج3
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 149068
الصفحه من 670
طباعه  ارسل الي