75
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

وقالَ غَيرُهُ مِن أهلِ الحَديثِ : إنَّما كانَ المَعزومُ عَلى بَيعَتِهِ لَو ماتَ عُمَرُ طَلحَةَ ابنَ عُبَيدِ اللّهِ .
فَأَمّا حَديثُ الفَلتَةِ ، فَقَد كانَ سَبَقَ مِن عُمَرَ أن قالَ : إنَّ بَيعَةَ أبي بَكرٍ كانَت فَلتَةً وَقَى اللّهُ شَرَّها ؛ فَمَن عادَ إلى مِثلِها فَاقتُلوهُ .
وهذَا الخَبَرُ الَّذي ذَكَرناهُ عَنِ ابنِ عَبّاسٍ وعَبدِ الرَّحمنِ بنِ عَوفٍ فيهِ حَديثُ الفَلتَةِ ؛ ولكِنَّهُ مَنسوقٌ عَلى ما قالَهُ أوَّلاً ، أ لا تَراهُ يَقولُ : فَلا يَغُرَّنَّ امرَأً أن يَقولَ : «إنَّ بَيعَةَ أبي بَكرٍ كانَت فَلتَةً ، فَلَقَد كانَت كَذلِكَ» ، فَهذا يُشعِرُ بِأَنَّهُ قَد كانَ قالَ مِن قَبلُ : إنَّ بَيعَةَ أبي بَكرٍ كانَت فَلتَةً . . . ۱ .

راجع : كتاب «شرح نهج البلاغة» : ج2 ص26 ـ 37 ، في نقل كلام السيّد المرتضى ونقده .

1 / 19

مَكانُ الإِمامِ فِي الحُكومَةِ

۱۰۲۰.تاريخ اليعقوبي :أرادَ أبو بَكرٍ أن يَغزُوَ الرّومَ ، فَشاوَرَ جَماعَةً مِن أصحابِ رَسولِ اللّهِ ، فَقَدَّموا وأخَّروا ، فَاستَشارَ عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ ، فَأَشارَ أن يَفعَلَ ، فَقالَ : إن فَعَلتَ ظَفِرتَ . فَقالَ : بَشَّرتَ بِخَيرٍ .
فَقامَ أبو بَكرٍ فِي النّاسِ خَطيبا ، وأمَرَهُم أن يَتَجَهَّزوا إلَى الرّومِ ، فَسَكَتَ النّاسُ . فَقامَ عُمَرُ فَقالَ : «لَوْ كَانَ عَرَضًا قَرِيبًا وَسَفَرًا قَاصِدًا»۲ لَانتَدَبتُموهُ ! فَقامَ عَمرُو بنُ سَعيدٍ فَقالَ : لَنا تَضرِبُ أمثالَ المُنافِقينَ يَابنَ الخَطّابِ ، فَما يَمنَعُكَ أنتَ ما عِبتَ عَلَينا فيهِ ؟ ! ۳

1.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۵ .

2.التوبة : ۴۲ .

3.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۳۲ وراجع الفتوح : ج۱ ص۸۰ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
74

اللّهَ وَقى شَرَّها ، ولَيسَ فيكُم مَن تُقطَعُ الأَعناقُ إلَيهِ مِثلَ أبي بَكرٍ . مَن بايَعَ رَجُلاً عَن غَيرِ مَشوِرَةٍ مِنَ المُسلِمينَ فَلا يُبايِعُ هوَ ولا الَّذي تابَعَهُ تَغِرَّةَ أن يُقتَلا ۱ .
قال ابن أبي الحديد بَعدَ نَقلِ خُطبَةِ عُمَرَ عَنِ الطَّبَرِيِّ : هذا حَديثٌ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ مِن أهلِ السّيرَةِ ، وقَد وَرَدَتِ الرِّواياتُ فيهِ بِزِياداتٍ ؛ رَوَى المَدائِنِيُّ قالَ : لَمّا أخَذَ أبو بَكرٍ بِيَدِ عُمَرَ وأبي عُبَيدَةَ وقالَ لِلنّاسِ : قَد رَضيتُ لَكُم أحَدَ هذَينِ الرَّجُلَينِ ، قالَ أبو عُبَيدَةَ لِعُمَرَ : اُمدُد يَدَكَ نُبايِعكَ . فَقالَ عُمَرُ : ما لَكَ فِي الإِسلامِ فَهَّةٌ ۲ غَيرَها ! أ تَقولُ هذا وأبو بَكرٍ حاضِرٌ ! ! ثُمَّ قالَ لِلنّاسِ : أيُّكُم يَطيبُ نَفسا أن يَتَقَدَّمَ قَدَمَينِ قَدَّمَهُما رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِلصَّلاةِ ! ! رَضِيَكَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله لِدينِنا ، أفَلا نَرضاكَ لِدُنيانا ! ! ثُمَّ مَدَّ يَدَهُ إلى أبي بَكرٍ فَبايَعَهُ .
وهذِهِ الرِّوايَةُ هِيَ الَّتي ذَكَرَها قاضِي القُضاةِ في كِتابِ المُغني .
وقالَ الواقِدِيُّ في رِوايَتِهِ في حِكايَةِ كَلامِ عُمَرَ : وَاللّهِ لَأَن اُقَدَّمَ فَاُنحَرَ كَما يُنحَرُ البَعيرُ ، أحَبُّ إلَيَّ مِن أن أتَقَدَّمَ عَلى أبي بَكرٍ .
وقالَ شَيخُنا أبُو القاسِمِ البَلخِيُّ : قالَ شَيخُنا أبو عُثمانَ الجاحِظُ : إنَّ الرَّجُلَ الَّذي قالَ : «لَو قَد ماتَ عُمَرُ لَبايَعتُ فُلانا» عَمّارُ بنُ ياسِرٍ ، قالَ : لَو قَد ماتَ عُمَرُ لَبايَعتُ عَليّا عليه السلام ، فَهذَا القَولُ هوَ الَّذي هاجَ عُمَرَ أن خَطَبَ بِما خَطَبَ بِهِ .

1.صحيح البخاري : ج۶ ص۲۵۰۳ ح۶۴۴۲ ، مسند ابن حنبل : ج۱ ص۱۲۱ ح۳۹۱ ، صحيح ابن حبّان : ج۲ ص۱۴۶ ح۴۱۳ و ص ۱۵۵ ح۴۱۴ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ج۷ ص۶۱۵ ح۵ ، المصنّف لعبد الرزّاق : ج۵ ص۴۳۹ ح۹۷۵۸ ، السيرة النبويّة لابن هشام : ج۴ ص۳۰۷ ، أنساب الأشراف : ج۲ ص۲۶۵ وفيه «إنّ عمر بن الخطّاب خطب خطبة ، قال فيها . . .» ، تاريخ الطبري : ج۳ ص۲۰۳ ـ ۲۰۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۱۱ ، تاريخ دمشق : ج۳۰ ص۲۸۰ ـ ۲۸۴ ، شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۲ ، السيرة النبويّة لابن كثير : ج۴ ص۴۸۶ كلّها نحوه .

2.الفَهَّة : السَّقْطَة والجهلة (النهاية : ج۳ ص۴۸۲) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 167404
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي