297
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

2 ـ تصحيح الثقافة العامّة

تكمن واحدة من أبرز العناصر الأساسيّة لمنهج الحكم العلوي في الإقدام على تصحيح الثقافة العامّة للمجتمع . فعلى قدر ما كان الإمام يدافع عن السنن والتقاليد الاجتماعيّة البنّاءة ، كان يهاجم بعنف الأعراف والتقاليد الخاطئة ، ولم يكن يسمح أن تواصل التقاليد الخاطئة والأعراف الضارّة ، حضورها في المجتمع الإسلامي .

3 ـ النقد البنّاء بدلاً من الإطراء والتملّق

تكمن واحدة من أهمّ مبادرات الإمام عليّ عليه السلام وأكثرها ألقاً لجهة تصحيح الثقافة الاجتماعيّة العامّة ، بمواجهته لحالة تملّق الاُمراء ومديح القادة السياسيّين .
لقد حثَّ الإمام أمير المؤمنين الولاة والعاملين معه على أن يقرّبوا الأجرأ في قول الحقّ ، والأكثر صراحة في الجهر به ، وأن يربّوا مَن حولهم على عدم تملّقهم والإطراء عليهم أكثر من الاستحقاق .
أمّا فيما يرتبط بالإمام شخصيّاً فقد كان يرفض أيّ ضرب من الثناء حوله ، وكان يواجه المثنين والمتملّقين بمواقف علنيّة صريحة وحازمة . كما كان يحثّ النّاس أن لا يُطروه بسبب نهوضه بأداء التكاليف الإلهيّة ، وأن يتّجهوا بدل الثناء إلى النصيحة بخير ، والنقد البنّاء الصريح لبرامجه وأعماله ، إذا كان ثمّة نقد في هذا المجال .

4 ـ معياريّة الحقّ في اتّباع الرجال

تتمثّل واحدة من أهمّ توجيهات الإمام لتصحيح الثقافة العامّة في نصب الحقّ ميزاناً في اتّباع الشخصيّات السياسيّة والاجتماعيّة وموالاتها .
وتنشأ أغلب الانحرافات السياسيّة والاجتماعيّة من التمحور حول مفهوم الشخصيّة . وفي هذا الاتّجاه حذَّر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام المجتمع من أنّ الشخصيّات مهما عظمت ، ولحظتها العيون بالحبّ والتقدير والإجلال ، فلا يمكن أن


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
296

9 ـ منع الهديّة

شرَّع النظام العلوي مبدأ منع أخذ العاملين في الدولة الهدايا من النّاس ، بالإضافة إلى حرمة تعاطي الرشوة ، إمعاناً في مبارزة الفساد الإداري . وكان الإمام أمير المؤمنين يعدّ أخذ الهديّة «غلولاً» ، وأخذ الرشوة «شركاً» .

10 ـ الحزم المصحوب باللين

يسير النظام العلوي في التعاطي مع العاملين في النطاق الحكومي ، على منهجٍ يجمع بين الحزم واللين . فمن وجهة نظر الإمام تعدّ القسوة المطلقة آفة تهدِّد النسق الإداري ، وفي الوقت ذاته يلحق اللين اللامحدود أضراراً بإدارة المجتمع . ومن ثَمَّ فإنّ الإدارة الناجحة هي الَّتي تجمع ـ بحسب تعبير الإمام ـ بين القسوة والرأفة ، وتقرن الشدّة إلى اللين . ففي المواضع الَّتي تحتاج إلى الشدّة ينبغي التعامل بحزم ، وفي المواقع الَّتي يكون فيها اللين هو الأجدى ، ينبغي التزام سياسة الرفق والمداراة .

اُصول السياسة الثقافيّة

تكمن أبرز مرتكزات السياسة الثقافيّة للإمام ، في المنطلقات التالية :

1 ـ تنمية التربية والتعليم

تتقدّم التنمية الثقافيّة في النظام العلوي على التنمية الاقتصاديّة ؛ فعلاوة على أنَّ التنمية الاقتصاديّة غير ممكنة من دون التنمية الثقافيّة ؛ فإنّ حاجة الروح إلى التربية والتعليم أكثر من حاجة الجسد إلى الطعام والشراب .
وأساساً لا تزيد فلسفة الوحي والنبوّة وفلسفة الحكم في منهج الأنبياء الإلهيّين ، على تربية الإنسان وتعليمه ، وإنَّ جميع الجهود ما هي إلّا مقدّمة لبناء الإنسان الكامل . على هذا الأساس كان الأنبياء والأوصياء يتولّون شخصياً تعليم النّاس وتربيتهم ، وعلى هذا مضت أيضاً سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وسياسته .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 167277
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي