213
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

فَأَتمِم عَلى ما قُلتَ ۱ .

۱۲۱۰.تاريخ الطبري عن عبّاد بن عبد اللّه بن الزبير :كَتَبَ أهلُ المَدينَةِ إلى عُثمانَ يَدعونَهُ إلَى التَّوبَةِ ، ويَحتَجّونَ ويُقسِمونَ لَهُ بِاللّهِ لا يُمسِكونَ عَنهُ أبَدا حَتّى يَقتُلوهُ أو يُعطِيَهُم ما يَلزَمُهُ مِن حَقِّ اللّهِ .
فَلَمّا خافَ القَتلَ شاوَرَ نُصَحاءَهُ وأهلَ بَيتِهِ ، فَقالَ لَهُم : قَد صَنَعَ القَومُ ما قَد رَأَيتُم ، فَمَا المَخرَجُ ؟
فَأَشاروا عَلَيهِ أن يُرسِلَ إلى عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ فَيَطلُبَ إلَيهِ أن يَرُدَّهُم عَنهُ ، ويُعطِيَهُم ما يَرضيهُم لِيُطاوِلَهُم ۲ حَتّى يَأتِيَهُ أمدادٌ .
فَقالَ : إنَّ القَومَ لَن يَقبَلوا التَّعليلَ ، وهُم مُحَمِّليّ عَهدا ، وقَد كانَ مِنّي في قدمِتِهمُ الاُولى ما كانَ ، فَمَتى اُعطِهِم ذلِكَ يَسأَلونِي الوَفاءَ بِهِ !
فَقالَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! مُقارَبَتُهُم حَتّى تَقوى أمثَلُ مِن مُكاثَرَتِهِم عَلَى القُربِ ، فَأَعطِهِم ما سَأَلوكَ ، وطاوِلُهم ما طاوَلوكَ ؛ فَإِنَّما هُم بَغَوا عَلَيكَ ؛ فَلا عَهدَ لَهُم .
فَأَرسَلَ إلى عَلِيٍّ فَدَعاهُ ، فَلَمّا جاءَهُ قالَ : يا أبا حَسَنٍ ! إنَّهُ قَد كانَ مِن النّاسِ ما قَد رَأَيتَ ، وكانَ مِنّي ما قَد عَلِمتَ ، ولَستُ آمَنُهُم عَلى قَتلي ، فَاردُدهُم عَنّي ؛ فَإِنَّ لَهُمُ اللّهُ عَزَّوَجَلَّ أن أعتَبَهُم مِن كُلِّ ما يَكرَهونَ ، وأن اُعطِيَهُمُ الحَقَّ مِن نَفسي ومِن غَيري ، وإن كانَ في ذلِكَ سَفكُ دَمي .
فَقالَ لَهُ عَلِيٌّ : النّاسُ إلى عَدلِكَ أحوَجُ مِنهُم إلى قَتلِكَ ، وإنّي لَأَرى قَوما لا يَرضَونَ إلّا بِالرِّضى ، وقَد كُنتَ أعطَيتَهُم في قِدمَتِهِمُ الاُولى عَهدا مِنَ اللّهِ لَتَرجَعَنَّ عَن

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۶۰ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۱۷۲ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۲۸۴ ؛ الجمل : ص ۱۹۱ كلاهما نحوه .

2.طاولته في الأمر : أي ماطلتُه (لسان العرب : ج۱۱ ص۴۱۲) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
212

5 / 9

تَوبَةُ عُثمانَ في خِطابٍ عامٍّ

۱۲۰۹.تاريخ الطبري عن عليّ بن عمر عن أبيه :إنَّ عَلِيّا جاءَ عُثمانَ بَعدَ انصِرافِ المِصرِيّينَ فَقالَ لَهُ : تَكَلَّم كَلاما يَسمَعُهُ النّاسُ مِنكَ ويَشهَدونَ عَلَيهِ ، ويَشهَدُ اللّهُ عَلى ما في قَلبِكَ مِنَ النُّزوعِ وَالإِنابَةِ ؛ فَإِنَّ البِلادَ قَد تَمخَّضَت عَلَيكَ ، فَلا آمَنُ رَكبا آخَرينَ يَقدَمونَ مِنَ الكوفَةِ ، فَتَقولُ : يا عَلِيُّ اركَب إلَيهِم ، ولا أقدِرُ أن أركَبَ إلَيهِم ولا أسمَعَ عُذرا ، ويَقدَمُ رَكبٌ آخَرونَ مِنَ البَصرَةِ ، فَتَقولُ : يا عَلِيُّ اركَب إلَيهِم ، فَإِن لَم أفعَل رَأَيتَني قَد قَطَعتُ رَحِمَكَ ، وَاستَخفَفتُ بِحَقِّكَ .
قالَ : فَخَرَجَ عُثمانُ فَخَطَبَ الخُطبَةَ الَّتي نَزَعَ فيها ، وأعطَى النّاسَ مِن نَفسِهِ التَّوبَةَ ، فَقامَ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ بِما هُوَ أهلُهُ ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ أيُّهَا النّاسُ ! فَوَاللّهِ ما عابَ مَن عابَ مِنكُم شَيئا أجهَلُهُ ، وما جِئتُ شَيئا إلّا وأنَا أعرِفُهُ ، ولكِنّي مَنَّتني نَفسي وكَذَّبَتني وضَلَّ عَنّي رُشدي ، ولَقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله يَقولُ : « مَن زَلَّ فَليَتُب ، ومَن أخطَأَ فَليَتُب ولا يَتَمادَ فِي الهَلَكَةِ ؛ إنَّ مَن تَمادى فِي الجَورِ كانَ أبعَدَ مِنَ الطَّريقِ» فَأَنَا أوَّلُ مَنِ اتَّعَظَ ، أستَغفِرُ اللّهَ مِمّا فَعَلتُ وأتوبُ إلَيهِ ، فَمِثلي نَزَعَ وتابَ ، فَإِذا نَزَلتُ فَليَأتِني أشرافُكُم فَليُرُوُنّي رَأيَهُم ، فَوَاللّهِ لَئِن رَدَّني الحَقُّ عَبدا لَأَستَنَّ بِسُنَّةِ العَبدِ ، ولَأَذِلَّنَ ذُلَّ العَبدِ ، ولَأَكونَنَّ كَالمَرقوقِ ، إن مُلِكَ صَبَرَ وإن عُتِقَ شَكَرَ ، وما عَنِ اللّهِ مَذهَبٌ إلّا إلَيهِ ، فَلا يَعجَزَنَّ عَنكُم خيارُكُم أن يَدنوا إلَيَّ ، لَئِن أبَت يَميني لَتُتابِعُني شِمالي .
قالَ : فَرَقَّ النّاسُ لَهُ يَومَئِذٍ وبَكى مَن بَكى مِنهُم ، وقامَ إلَيهِ سَعيدُ بنُ زَيدٍ فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، لَيسَ بِواصِلٍ لَكَ مَن لَيسَ مَعَكَ ، اللّهَ اللّهَ في نَفسِكَ ،

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 174301
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي