317
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

(10 )

أحاديث الهداية

إمامة الاُمّة هي هداية الناس إلى المنزل المقصود ، وتوجيهها صوب المقصد الأعلى ، وسوقها تلقاء الكمال الإنساني الميسور . وعلى هذا ، أ فيمكن لمن لم يتوفّر على الهداية الكاملة ، ولم يعِش الدين إدراكاً عميقاً في وجوده أن يأخذ بيد المجتمع صوب تلك الهداية ؟ أو يكون لمن لا يهتدي إلّا أن يُهدى أن يتبوّأ هذا الموقع ؟ لقد أوضح النبيّ أنّ هادي الاُمّة والإمام الذي يأخذ بيد المؤمنين إلى برّ الأمان في المستقبل هو عليّ بن أبي طالب . فأمير المؤمنين عليه السلام هو الذي يسوق الاُمّة صوب الحقيقة ، ويأخذ بيدها إلى الينابيع الصافيّة النقيّة ، وهو الذي يتبوّأ في الاُمّة موقع الهداية بعد النبيّ .
هذا ما أفصح عنه رسول اللّه صلى الله عليه و آله حين عدّ عليّاً «هادي» الاُمّة ، والمصداق الرفيع لهذا الموقع وهو يفسّر قوله سبحانه : «إِنَّمَآ أَنتَ مُنذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ»۱ بقوله صلى الله عليه و آله : «المُنذِرُ أنَا ، وَالهادي عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ» ۲ .

1.الرعد : ۷ .

2.راجع : ج ۱ ص ۴۹۱ (أحاديث الهداية) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
316

تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَ أَنَا أَعْلَمُ بِمَآ أَخْفَيْتُمْ وَ مَآ أَعْلَنتُمْ وَ مَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَآءَ السَّبِيلِ» 1 ؛ فلا جدال أنَّ الآية نزلت في حاطب بن أبي بلتعة بعدما بعث كتاباً إلى قريش ، كما ذكر ذلك المفسّرون 2 .
كذلك قوله سبحانه : «فَتَرَى الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَـرِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ» 3 ، حيث قصدت الآية عبد اللّه بن اُبَيّ كما أجمع المفسّرون على ذلك في شأن النزول 4 .
على هذا يتّضح أنّ إيرادات هذا البعض من المفسّرين لم تأتِ بباعث البحث الناشئ عن الشكّ في فضيلة عظيمة كهذه . على أنّ أمثال هذه المواقف كثير وليس بعزيز .
ثمّ إنّ الآية تحصر «الولاية» من دون لبس بـ «اللّه » ، و «الرسول» و «عليّ» . ومن الجليّ أ نّه لو كان معنى الولاية في الآية هو «النصرة» أو «المحبّة» فلا معنى للتخصيص ، ولن يكون هناك ما يسوّغ الحصر 5 .
لقد قصدنا في هذا المدخل أن نتابع تلك الجهود الحثيثة التي بذلها رسول اللّه صلى الله عليه و آله لتعيين الإمامة من بعده ، وتحديد الهادي الذي يأخذ بيد الاُمّة في المستقبل . كما جاءت الإشارة إلى هذه الآيات ـ كمثال ـ لتسلّط الضوء على دور الوحي في هذه المهمّة التي بلغ فيها رسول اللّه صلى الله عليه و آله الذروة لأجل تثبيت الولاية ، من خلال ما نهض به عمليّاً من تفسير هذه الآيات وتبيينها .

1.الممتحنة : ۱ .

2.تفسير الطبري : ج۱۴ الجزء ۲۸ ص۵۸ ؛ تفسير التبيان : ج۹ ص۵۷۵ .

3.المائدة : ۵۲ .

4.تفسير الطبري : ج۴ الجزء ۶ ص۲۷۸ ، الوسيط في تفسير القرآن المجيد : ج۲ ص۱۹۷ ، زاد المسير : ج۲ ص۲۸۹ .

5.راجع : ج ۱ ص ۴۶۱ (ولاية عليّ ولاية اللّه والرسول) . ولمزيد الاطّلاع على تفسير الآية راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج۶ ص۸ والكشّاف : ج۱ ص۳۴۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 156938
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي