315
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

(9 )

تجلّي الولاية في القرآن

لم يقتصر وصف «الوليّ» و «الولاية» لعليّ في الحديث النبوي وحده ، بل امتدّ إلى آي القرآن الكريم ، كما دلّلت على ذلك روايات كثيرة ، ومن بين هذه الآيات قوله سبحانه : «إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ ءَامَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَوةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَوةَ وَهُمْ رَ كِعُونَ» 1 إذ ليس ثمّ شكّ في شأن نزول هذه الآية وانطباقها على الإمام عليّ عليه السلام فيإطار الواقعة المعروفة؛ حيث دخل سائلٌ المسجد ، فأومأ إليه الإمام بإصبعه ، فأقبل السائل حتى أخذ الخاتم من خنصره وانصرف .
لقد وثّق هذه الواقعة عدد كبير من المحدّثين والمفسّرين ، وذكروا صراحة أنّ الآية نزلت بشأن عليّ عليه السلام 2 . لكن يبدو أنّ بعض المفسّرين لم يرُق لهم أن يُسفر الحقّ ويرمي بضيائه على الاُفق ، فلاذوا بشُبَهٍ راحوا يُثيرونها ، وجنحوا إلى تسويفات واهية علّهم يقلبوا الحقيقة ، ويكفئوا الحقّ على وجهه ؛ فقالوا ـ مثلاً ـ : إنّ «الَّذِينَ» جمع ، فكيف ينطبق على عليّ عليه السلام وهو واحد !
لقد نسوا ـ وربّما تناسوا ـ أنّ هذا مألوف ، واستعماله شائع في الأدب العربي ، كما كثُر في القرآن ؛ إذ يجيء الخطاب للجماعة مع أنّ المراد واحد بهدف التكريم أو أيّ باعث آخر ، كمثل قوله سبحانه : «يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَّخِذُواْ عَدُوِّى وَ عَدُوَّكُمْ أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَ قَدْ كَفَرُواْ بِمَا جَآءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَ إِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُواْ بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَـدًا فِى سَبِيلِى وَ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِى

1.المائدة : ۵۵ .

2.راجع : ج ۱ ص ۴۶۱ (ولاية عليّ ولاية اللّه والرسول) .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
314

(8 )

أحاديث الولاية

من العناوين البارزة التي جاءت بها الروايات ، وأكّدتها أيضاً آيات تفسّرها أحاديث حيال عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، هو عنوان «الوليّ» .
لا جدال في أنّ استعمال مادة «و ل ي» بمعنى القيّم ، والقائد ، والزعيم ، والأولى بالتصرّف ، والأحقّ بالقيمومة والأمر ؛ هو أمر شائع الاستعمال في الأدب العربي ، كما سنُشير إلى ذلك أثناء دراسة حديث الغدير وتحليله .
إنّ النصوص التي تضمّنت إطلاق رسول اللّه صلى الله عليه و آله عنوان «الوليّ» و «الولاية» على عليّ بن أبي طالب ، لهي كثيرة في الحديث والأخبار النبويّة ، فلطالما أشار النبيّ إلى عليّ بهذا الوصف الجليل في مواضع كثيرة ، وما أكثر المواقع التي عرض بها هذا العنوان المثير للانتباه .
فخطاب النبيّ بهذه الصيغة : «يا عَلِيُّ ، أنتَ وَلِيُّ النّاسِ بَعدي ؛ فَمَن أطاعَكَ فَقَد أطاعَني ، ومَن عَصاكَ فَقَد عَصاني» ۱ تردّد كثيراً بحيث امتلأت منه مصادر أهل السنّة ومدوّناتهم الحديثيّة ، وقد أوردنا شطراً مهمّاً منها في ظلّ عنوان «أحاديث الولاية» ۲ .
إنّ هذه الأحاديث ـ بالأخصّ حين تأتي بقيد «من بعدي» ـ لا تدع مجالاً للشكّ في أنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد حدّد من خلال ذلك طبيعة المسار السياسي الذي يخلفه ، وأومأ بوضوح إلى القيادة السياسيّة التي تتسنّم الاُمور من بعده .

1.الأمالي للمفيد : ص۱۱۳ ح۵ .

2.راجع : ج ۱ ص ۴۶۱ (أحاديث الولاية) .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 163146
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي