البلاء (تفصیلی) - الصفحه 110

كَفَرَ بي وعَصاني ولَم يَتَّبِع رُسُلي ولا اُبالي .
وخَلَقتُكَ وخَلَقتُ ذُرِّيَّتَكَ مِن غَيرِ فاقَةٍ بي إلَيكَ وإلَيهِم ، وإنَّما خَلَقتُكَ وخَلَقتُهُم لِأَبلُوَكَ وأَبلُوَهُم أيُّكُم أحسَنُ عَمَلاً في دارِ الدُّنيا ، في حَياتِكُم وقَبلَ مَماتِكُم .
فَلِذلِكَ خَلَقتُ الدُّنيا وَالآخِرَةَ ، وَالحَياةَ وَالمَوتَ ، وَالطّاعَةَ وَالمَعصِيَةَ ، وَالجَنَّةَ وَالنّارَ ، وكَذلِكَ أرَدتُ في تَقديري وتَدبيري ، وبِعِلمِي النافِذِ فيهِم خالَفتُ بَينَ صُوَرِهِم وأَجسامِهِم وأَلوانِهِم وأَعمارِهِم وأَرزاقِهِم وطاعَتِهِم ومَعصِيَتِهِم ، فَجَعَلتُ مِنهُمُ الشَّقِيَّ وَالسَّعيدَ ، وَالبَصيرَ وَالأَعمى ، وَالقَصيرَ وَالطَّويلَ ، وَالجَميلَ وَالدَّميمَ ، وَالعالِمَ وَالجاهِلَ ، وَالغَنِيَّ وَالفَقيرَ ، وَالمُطيعَ وَالعاصِيَ ، وَالصَّحيحَ وَالسَّقيمَ ، ومَن بِهِ الزَّمانَةُ ۱ ومَن لا عاهَةَ بِهِ . فَيَنظُرُ الصَّحيحُ إلَى الَّذي بِهِ العاهَةُ فَيَحمَدُني عَلى عافِيَتِهِ ، ويَنظُرُ الَّذي بِهِ العاهَةُ إلَى الصَّحيحِ فَيَدعوني ويَسأَ لُني أن اُعافِيَهُ ، ويَصبِرُ عَلى بَلائي فَاُثيبُهُ جَزيلَ عَطائي ، ويَنظُرَ الغَنِيُّ إلَى الفَقيرِ فَيَحمَدُني ويَشكُرُني ، ويَنظُرُ الفَقيرُ إلَى الغَنِيِّ فَيَدعوني ويَسأَ لُني ، ويَنظُرُ المُؤمِنُ إلَى الكافِرِ فَيَحمَدُني عَلى ما هَدَيتُهُ .
فَلِذلِكَ خَلَقتُهُم لِأَبلُوَهُم فِي السَّرّاءِ وَالضَّرّاءِ ، وفيما اُعافيهِم ، وفيما أبتَليهِم ، وفيما اُعطيهِم وفيما أمنَعُهُم ، وأَنَا اللّهُ المَلِكُ القادِرُ ، ولي أن اُمضِيَ جَميعَ ما قَدَّرتُ عَلى ما دَبَّرتُ ، ولي أن اُغَيِّرَ مِن ذلِكَ ما شِئتُ إلى ما شِئتُ ، واُقَدِّمُ مِن ذلِكَ ما أخَّرتُ ، واُؤَخِّرُ مِن ذلِكَ ما قَدَّمتُ ، وأَنَا اللّهُ الفَعّالُ لِما اُريدُ ، لا اُسأَلُ عَمّا أفعَلُ ، وأَنَا أسأَلُ خَلقي عَمّا هُم فاعِلونَ . ۲

1.الزمانة : العاهة (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۷۸۲ «زمن») .

2.الكافي : ج ۲ ص ۸ ح ۲ ، علل الشرائع : ص ۱۰ ح ۴ ، الاختصاص : ص ۳۳۲ ، مختصر بصائر الدرجات : ص ۱۵۵ كلّها عن حبيب السجستاني نحوه ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۲۲۶ ح ۵ .

الصفحه من 118