البلد (تفصیلی) - الصفحه 72

ما فيها وما قَد كانَ عَلى ظَهرِها ، وما يَكونُ إلى يَومِ القِيامَةِ ، ولَم يَكبُر ذلِكَ عَلَيَّ كَما لم يَكبُر عَلى أبي آدَمَ ؛ عَلَّمَهُ الأَسماءَ كُلَّها ولَم تَعلَمهَا المَلائِكَةُ المُقَرَّبونَ ، وإنّي رَأَيتُ بُقعَةً عَلى شاطِئِ البَحرِ تُسَمَّى البَصرَةَ ، فَإِذا هِيَ أبعَدُ الأَرضِ مِنَ السَّماءِ وأَقرَبُها مِنَ الماءِ ، وأَنَّها لَأَسرَعُ الأَرضِ خَرابا ، وأَخشَنُها تُرابا ، وأَشَدُّها عَذابا ، ولَقَد خُسِفَ بِها فِي القُرونِ الخالِيَةِ مِرارا ، ولَيَأتِيَنَّ عَلَيها زَمانٌ» .
وإنَّ لَكُم ـ يا أهلَ البَصرَةِ ـ وما حَولَكُم مِنَ القُرى مِنَ الماءِ لَيَوما عَظيما بَلاؤُهُ ، وإنّي لَأَعلَمُ مَوضِعَ مُنفَجَرِهِ مِن قَريَتِكُم هذِهِ ، ثُمَّ اُمورٌ قَبلَ ذلِكَ تَدهَمُكُم عَظيمَةٌ اُخفِيَت عَنكُم وعَلِمناها ، فَمَن خَرَجَ عَنها عِندَ دُنُوِّ غَرَقِها فَبِرَحمَةٍ مِنَ اللّهِ سَبَقَت لَهُ ، ومَن بَقِيَ فيها غَيرَ مُرابِطٍ بِها فَبِذَنبِهِ ، ومَا اللّهُ بِظَّلامِ لِلعَبيدِ . ۱

۱۰۴۵۰.عنه عليه السلامـ في ذَمِّ أهلِ البَصرَةِ بَعدَ وَقعَةِ الجَمَلِ ـ :أرضُكُم قَريبَةٌ مِنَ الماءِ ، بَعيدَةٌ مِنَ السَّماءِ ، خَفَّت عُقولُكُم ، وسَفِهَت حُلومُكُم ، فَأَنتُم غَرَضٌ لِنابلٍ ، واُكلَةٌ لِاكِلٍ ، وفَريسَةٌ لِصائِلِ ۲ . ۳

1.بحارالأنوار: ج ۶۰ ص ۲۲۵ ح ۵۸ نقلاً عن شرح نهج البلاغة لابن ميثم .

2.قال ابن أبي الحديد : فأمّا قوله : «أرضكم قريبة من الماء بعيدة من السماء» فقد قدّمنا معنى قوله «قريبة من الماء» وذكرنا غَرَقها من بحر فارس دَفعتين ، ومراده عليه السلام بقوله : «قريبة من الماء» ، أي قريبة من الغَرَق بالماء . وأما «بعيدة من السماء» ؛ فإنّ أربابَ علم الهيئة وصناعة التّنجيم يذكرون أنّ أبعدَ موضع في الأرض عن السماء الأبلّة ، وذلك موافق لقوله عليه السلام . ومعنى البعد عن السماء هاهنا هو بعد تلك الأرض المخصوصة عن دائرة معدّل النهار والبقاع ، والبلاد تختلف في ذلك . وقد دلّت الأرصاد والآلات النُّجوميّة على أن أبعد موضع في المعمورة عن دائرة معدّل النهار هو الأُبلّة ، والأبلّة هي قصبة البصرة . وهذا الموضع من خصائص أميرالمؤمنين عليه السلام ، لأنّه أخبر عن أمر لا تعرفه العرب ، ولا تهتدي إليه ، وهو مخصوص بالمدقّقين من الحكماء . وهذا من أسراره وغرائبه البديعة . (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱ ص ۲۶۸) ويحتمل أن يكون المراد ببعدها من السماء البعد من سماء الرحمة والاستعداد لنزول العذاب . (راجع : بحار الأنوار : ج ۳۲ ص ۲۴۷) .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۴ ، الجمل : ص ۴۰۷ عن الحارث بن سريع نحوه ، بحارالأنوار : ج ۳۲ ص ۲۴۶ ح ۱۹۴ .

الصفحه من 74