البکاء (تفصیلی) - الصفحه 102

العَظيمَ غَيرُكَ» .
ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ ، ووَجهُهُ مِنَ البُكاءِ كَأَنَّما غُمِسَ في الماءِ . ۱

۱۰۱۸۲.كمال الدين عن سدير الصيرفي :دَخَلتُ أنَا وَالمُفَضَّلُ بنُ عُمَرَ ، وأَبو بَصيرٍ ، وأَبانُ بنُ تَغلِبَ عَلى مَولانا أبي عَبدِ اللّهِ الصّادِقِ عليه السلام ، فَرَأَيناهُ جالِسا عَلَى التُّرابِ وعَلَيهِ مِسحٌ ۲ خَيبَرِيٌّ مُطَوَّقٌ بِلا جَيبٍ ، مُقَصَّرُ الكُمَّينِ ، وهُوَ يَبكي بُكاءَ الوالِهِ الثَّكلى ، ذاتَ الكَبِدِ الحَرّى ، قَد نالَ الحُزنُ مِن وَجنَتَيهِ ، وشاعَ التَّغييرُ في عارِضَيهِ ، وأَبلى الدُّموعُ مَحجِرَيهِ ، وهُوَ يَقولُ :
«سَيِّدي! غَيبَتُكَ نَفَت رُقادي ، وضَيَّقَت عَلَيَّ مِهادي ، وَابتَزَّت مِنّي راحَةَ فُؤادي . سَيِّدي! غَيبَتُكَ أوصَلَت مُصابي بِفَجايِعِ الأَبَدِ ، وفَقدُ الواحِدِ بَعدَ الواحِدِ يُفنِي الجَمعَ وَالعَدَدَ ، فَما اُحِسُّ بِدَمعَةٍ تَرقى مِن عَيني ، وأَنينٍُ يَفتُرُ مِن صَدري ، عَن دَوارِجِ الرَّزايا وسَوالِفِ البَلايا ، إلّا مُثِّلَ بِعَيني عَن غَوابِرَ أعظَمِها وأَفظَعِها ، وبَواقِيَ أشَدِّها وأَنكَرِها ، ونَوائِبَ مَخلوطَةٍ بِغَضَبِكَ ، ونَوازِلَ مَعجونَةٍ بِسَخَطِكَ» .
قالَ سَديرٌ : فَاستَطارَت عُقولُنا وَلَها ، وتَصَدَّعَت قُلوبُنا جَزَعا مِن ذلِكَ الخَطبِ الهائِلِ ، والحادِثِ الغائِلِ ، وظَنَنّا أنَّهُ سِمَةٌ لِمَكروهَةٍ قارِعَةٍ ، أوحَلَّت بِهِ مِنَ الدَّهرِ بائِقَةٌ ۳ ، فَقُلنا : لا أبكَى اللّهُ ـ يَابنَ خَيرِ الوَرى ـ عَينَيكَ مِن أيَّةِ حادِثَةٍ تَستنَزِفُ دَمعَتَكَ وتَستَمطِرُ عَبرَتَكَ ، وأَيَّةُ حالَةٍ حَتَمَت عَلَيكَ هذَا المَأتَمَ ؟
قالَ : فَزَفَرَ الصّادِقُ عليه السلام زَفرَةً انتَفَخَ مِنها جَوفُهُ ، وَاشتَدَّ عَنها خَوفُهُ ، وقالَ :

1.قرب الإسناد : ص ۳۹ ح ۱۲۷ ، بحار الأنوار : ج ۹۹ ص ۲۱۳ ح ۱ .

2.المِسْحُ : ثوب من الشَعْرِ غليظ (تاج العروس : ج ۴ ص ۲۰۵ «مسح») .

3.البوائق : الغوائل والشرور ، واحدها بائقة وهي الداهية (النهاية : ج ۱ ص ۱۶۲ «بوق») .

الصفحه من 142