البداء (تفصیلی) - الصفحه 42

يتغير في حالات خاصّة ؛ كأن يكون هذا التغيير بواسطة الدعاء في عرفات .
وإذا قيل : إنّ مفاد الأحاديث السابقة لا يقبل مثل هذا الجمع ، كما أنّ الأحاديث المتعلّقة بإجابة الدعاء في تغيير القضاء المبرم والمحتوم تأبى هذا الجمع أيضاً .
قلنا : إذا اضطررنا إلى قبول التعارض واعتقدنا بأنّ المراد من كلا المجموعتين هو مقام الإمكان وعدم الإمكان الذاتي للبداء ، فيجب القول دون تردّد : إنّ أحاديث المجموعة الاُولى ـ أي الأحاديث الّتي تقول : إنّ القضاء المحتوم يتمتّع هو أيضا بإمكانية التغيير بمشيئة اللّه تعالى ـ هي مقدّمة على الاُخرى ، إذ أنّها مضافا إلى ما تتمتّع به من قوّة السند والدلالة مع كثرتها عددا وانسجامها مع آيات البداء وأحاديثه، فهي تتلاءم مدلولاً مع العقل ولا تتنافى معه . بخلاف مدلول أحاديث المجموعة الثانية إذا كان المراد منها عدم الإمكان الذاتي للبداء ، فإنّ ذلك خلاف للعقل ، فكما إنّ اللّه قادر ومختار في إيجاد مقدّرات الوجود وإثباتها ، فإنّه قادر وحرّ أيضا في محوها وإلغائها ، وإنكار البداء في تحقّق الظواهر يعني إنكار القدرة والإرادة الإلهيّتين .

الصفحه من 76