الأمة (تفصیلی) - الصفحه 40

ضَلالَتِهِ ، ذُلُلاً عَن سِياقِهِ ، سُلُسا ۱ في قِيادِهِ ، أمرا تَشابَهَتِ القُلوبُ فيهِ ، وتَتابَعَتِ القُرونُ عَلَيهِ ، وكِبرا تَضايَقَتِ الصُّدورُ بِهِ .
ألا فَالحَذَرَ الحَذَرَ مِن طاعَةِ ساداتِكُم وَكُبَرائِكُمُ ! الَّذينَ تَكَبَّروا عَن حَسَبِهِم، وتَرَفَّعوا فَوقَ نَسَبِهِم ، وأَلقَوُا الهَجينَةَ عَلى رَبِّهِم ۲ ، وجاحَدُوا اللّهَ عَلى ما صَنَعَ بِهِم ، مُكابَرَةً لِقَضائِهِ ، ومُغالَبَةً لِالائِهِ ، فَإِنَّهُم قَواعِدُ أساسِ العَصَبِيَّةِ ، ودَعائِمُ أركانِ الفِتنَةِ ، وسُيوفُ اعتِزاءِ ۳ الجاهِلِيَّةِ ، فَاتَّقُوا اللّهَ ولا تَكونوا لِنِعَمِهِ عَلَيكُم أضدادا ، ولا لِفَضلِهِ عِندَكُم حُسّادا ، ولا تُطيعُوا الأَدعِياءَ الَّذينَ شَرِبتُم بِصَفوِكُم كَدَرَهُم ، وخَلَطتُم بِصِحَّتِكُم مَرَضَهُم ، وأَدخَلتُم في حَقِّكُم باطِلَهُم ، وهُم أساسُ الفُسوقِ ، وأحلاسُ العُقوقِ .
اِتَّخَذَهُم إبليسُ مَطايا ضَلالٍ ، وجُندا بِهِم يَصولُ عَلَى النّاسِ ، وتَراجِمَةً يَنطِقُ عَلى ألسِنَتِهِمُ ، استِراقا لِعُقولِكُم ، وَدُخولاً في عُيونِكُم ، ونَفثا في أسماعِكُم . فَجَعَلَكُم مَرمى نَبلِهِ ، ومَوطِئَ قَدَمِهِ ، ومَأخَذَ يَدِهِ .
فَاعتَبرِوا بِما أصابَ الاُمَمَ المُستَكبِرينَ مِن قَبلِكُم ، مِن بأسِ اللّهِ وصَولاتِهِ ، و وَقائِعِهِ ومَثُلاتِهِ ، وَاتَّعِظوا بِمَثاوي خُدودِهِم ومَصارِعِ جُنوبِهِم ، واستَعيذوا بِاللّهِ مِن لَواقِحِ الكِبرِ كَما تَستَعيذونَهُ مِن طَوارِقِ الدَّهرِ . ۴

1.رجُلٌ سَلِسٌ : أي لَيِّنٌ مُنقاد (الصحاح : ج ۳ ص ۹۳۸ «سلسل») .

2.قال ابن أبي الحديد : «وألقوا الهجينة على ربّهم» روي : «الهجينة» وروي «الهُجنة» ، والمراد بهما الاستهجان من قولك : هو يهجّن كذا؛ أي يقبّحه، ويستهجنه ؛ أي يستقبحه . أي نسبوا ما في الأنساب من القبح بزعمهم إلى ربّهم (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۱۳ ص ۱۴۹) .

3.التعزّي : الانتماء والانتساب إلى القوم والعَزاء والعَزوَة : اسمٌ لِدَعوى المستغيث ، وهو أن يقول : يا لَفُلان ،أو يا لَلأنصار ، ويا لَلمُهاجرين (النهاية : ج ۳ ص ۲۳۳ «عزا») .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۶۷ ح ۳۷ .

الصفحه من 171