الإمامة (تفصیلی) - الصفحه 71

المحرّفة والعقائد الوهميّة في الواقع إلى وسيلة لهيمنة سلطة القهر والقوّة على الإنسان، وهذه حقيقة يشهد لها تأريخ ما قبل الإسلام أيضا .
لقد مثّل عصر النبيّ صلى الله عليه و آله بداية عصر العلم ، وإنّ أهم المسؤوليّات التي نهض بها النبيّ صلى الله عليه و آله هي اجتثاث الخرافات والتحريفات ، وإظهار الحقائق للناس. لقد كان النبيّ صلى الله عليه و آله يرى مَثَله كمثل الوالد للناس ، يربّيهم ويعلّمهم ، فقد ورد في الحديث عنه صلى الله عليه و آله :
إنَّما أنَا لَكُم مِثلُ الوالِدِ اُعَلِّمُكُم . ۱
لقد كان النبيّ صلى الله عليه و آله يطرح نبوّته على أنّها ظاهرة تنطبق والمعايير العقليّة والعلميّة، بحيث يتسنّى معها للعلماء وبسهولة ـ لو شاؤوا ـ معرفة صدقه في دعواه في الارتباط بمبدأ الوجود الأعلى :
« وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ » . ۲
لقد كان صلى الله عليه و آله يحذّر الناس بشدّة من اتّباع ما ليس للإنسان فيه علم ولا يقين ، وكان يتلو عليهم قوله سبحانه:
« وَ لَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ » . ۳
ومن خلال هذه المقدّمة ، يتّضح لنا بأنّ الهدف من الحديث الذي يشير الى ضرورة معرفة الإمام في كلّ عصر ، يتجاوز الإطار الفردي ، فليس المراد هو أنّ المسلم إذا لم يعرف إمام زمانه سيكون غير مسلم في الواقع ، وأنّ إسلامه وكفره سواء حينئذٍ ، بل الأمر الأهمّ الذي يشير له هذا الحديث هو أنّ عصر العلم ـ الذي

1.مسند ابن حنبل : ج ۳ ص ۵۳ ح ۷۴۱۳، سنن النسائي : ج ۱ ص ۳۸، سنن ابن ماجة : ج ۱ ص ۱۱۴ ح ۳۱۳ كلّها عن أبي هريرة ، الجامع الصغير : ج ۱ص ۳۹۴ ح ۲۵۸۰.

2.سبأ: ۶.

3.الإسراء: ۳۶.

الصفحه من 182