اللّه عز و جل (تفصیلی) - الصفحه 138

2 . دور معرفة اللّه عز و جل في الحياة الاجتماعيّة

لمّا كانت معرفة اللّه هي الأساس للقيم العقيديّة والأخلاقيّة والعمليّة فهي من أهمّ قواعد المجتمع الإنسانيّ المثاليّ أصالةً أيضا ، من هنا لا يمكن أن نتوقّع من مجتمع لا يعتقد باللّه أن يقوم باحترام القيم الإنسانيّة وعلى رأسها العدالة الاجتماعيّة ، لذا قال الإمام الرضا عليه السلام في فلسفة عبادة اللّه :
لِعِلَلٍ كَثيرَةٍ ، مِنها أنَّ مَن لَم يُقِرَّ بِاللّهِ عز و جل لَم يَتَجَنَّب مَعاصِيَهُ ، ولَم يَنتَهِ عَنِ ارتِكابِ الكَبائِرِ ، ولَم يُراقِب أحَدا فيما يَشتَهي ويَستَلِذُّ مِنَ الفَسادِ وَالظُّلمِ... . ۱
لا ريب في أنّ استقرار القيم الأخلاقيّة في المجتمع لا يتيسّر بلا أساس دينيّ واعتقاد باللّه ، ولو كان العالم عبثا وبلا شعور ، وتساوى العادل والظالم والمحسن والمسيء في بلوغ نقطة واحدة بعد الموت ، فبأيّ دليل يمكن أن ندعو المجتمع إلى رعاية القيم الإنسانيّة السّامية ؛ كالعدالة ، والإيثار ، ومكافحة الظلم والجريمة؟ ولأيّ سبب يفدي الإنسان نفسه للآخرين ولا يفدي الآخرون أنفسهم له؟! من هنا ينبغي القول : إنّ المادّيّة تستلزم إلغاء القيم الأخلاقيّة ، وتبنّي القيم الأخلاقيّة يستلزم إلغاء المادّيّة .
وعلى العكس من ذلك ، فإنّ الاعتقاد باللّه وهدفيّة عالم الوجود ممهّدان للمجتمع الأمثل والتكامل المادّي والمعنويّ للإنسان ، كما قال خالق الوجود ـ جلّ شأنه ـ :
« مَن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ » .۲
وإذا قُدّر للمجتمع البشريّ يوما أن يرسّخ صلته بخالق الكون كما ينبغي ، فإنّه يمهّد لنفسه أفضل أنواع الحياة ، على أمل ذلك اليوم المنشود إن شاء اللّه ۳ .

1.راجع : ص ۴۰۳ ح ۳۲۵۱ .

2.النساء : ۱۳۴ .

3.راجع : التنمية الاقتصادية : ص ۹۵ (التقدّم الإقتصادي / التنمية الموعودة في الإسلام) .

الصفحه من 247