اللّه عز و جل (تفصیلی) - الصفحه 118

وموافقة القلب اللسان بخاصّة الانقطاع ۱ عن الأسباب والتوجّه التامّ إلى المولى الحقّ عظم شأنه ، بل إنّ سائر الشروط مقدّمة لتحقيق هذه الحالة عند المتضرّع الداعي ، كما نقل عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال في جواب من طلب منه الاسم الأعظم حتّى يُستجاب دعاؤه :
كُلُّ اسمٍ مِن أَسماءِ اللّهِ فَفَرِّغ قَلبَكَ عَن كُلِّ ما سِواهُ ، وَادعُهُ بِأَيِّ اسمٍ شِئتَ . ۲
إنّ أفضل عامل للانقطاع عن غير اللّه هو عشقه ومحبّته سبحانه. وإكسير المحبّة يستقطب السالك إلى اللّه استقطابا يقطع آصرة روحه عن كلّ ما سواه ، وكلّما زاد الحبّ زادت حالة الانقطاع عن غير اللّه ، وتضاعف الاتّصال بمعدن العظمة .

خامسا : إحياء العقل وإماتة النفس

تتنامى القوى العقلانيّة للسالك إلى اللّه تدريجا بتطبيقه التعاليم الأربعة الّتي مرّ شرحها ، وتموت فيه الأهواء البهيميّة إلى أن يبلغ نقطةً يقول إمام العارفين وأميرالمؤمنين ـ صلوات اللّه وسلامه عليه ـ في وصفه لها :
قَد أَحيا عَقلَهُ ، وأَماتَ نَفسَهُ ، حَتّى دَقَّ جَليلُهُ ، ولَطُفَ غَليظُهُ ، وبَرَقَ لَهُ لامِعٌ كَثيرُ البَرقِ ، فَأَبانَ لَهُ الطَّريقَ ، وسَلَكَ بِهِ السَّبيلَ ، وتَدافَعَتهُ الأَبوابُ إلى بابِ السَّلامَةِ ودارِ الإِقامَةِ ، وثَبَتَت رِجلاهُ بِطُمَأنينَةِ بَدَنِهِ في قَرارِ الأَمنِ وَالرّاحَةِ بِما استَعمَلَ قَلبَهُ ، وأَرضى رَبَّهُ . ۳
إلهي ، أيّها المنّان بالجسيم الرحمن الرحيم ، اُقسم عليك بحرمة أنبيائك وأوليائك ، وبحقّ محمّد وأهل بيته ـ صلواتك عليه وعليهم ـ أن تمنّ على ذي القلم الكسير عبدك البائس المتهتّك بالتوفيق للسلوك نحوك ، وتُذيقه حلاوة معرفتك

1.راجع : ص ۵۱۸ ح ۳۵۰۰ .

2.راجع : ج ۴ ص ۲۴ ح ۳۵۴۵ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۲۲۰ .

الصفحه من 247