التاریخ (تفصیلی) - الصفحه 8

وهذا يعني أنَّ التأمّل في دور التّاريخ على ساحة حياة الإنسان ، يجعل الكائن البشريّ منفتحا على معرفة خالق العالم وحكمته .

2 . قيمة علم التّاريخ والمؤرِّخ

إنّ علم التّاريخ ، وخاصّة ما يرتبط بفلسفة التّاريخ ، وأسباب رُقيّ الاُمم وانحطاطها ، من أنجع العلوم لبلوغ الأهداف الحضاريّة ، وللحيلولة دون سقوط المجتمعات البشريّة وانحطاطها .
إنّ المؤرِّخ الخبير ، بمثابة مَن عاصر أحقاب التّاريخ واكتسب تجاربه ، يقول الإمام علي عليه السلام :
إنّي وإن لَم أكُن عُمِّرتُ عُمُرَ مَن كانَ قَبلي ، فَقَد نَظَرتُ في أعمالِهِم ، وَفَكَّرتُ في أخبارِهِم ، وسِرتُ في آثارِهِم ، حَتّى عُدتُ كَأَحَدِهِم ، بَل كَأَنـّي بِمَا انتَهى إلَيَّ مِن أمرِهِم قَد عُمِّرتُ مَعَ أوَّلِهِم إِلى آخِرِهِم . ۱
إنّ المجتمع الذي يعرف سُنن التّاريخ ، يجعل توجُّهاته الثَّقافيّة والاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة منسجمة مع مقتضيات الزمان ، وبذلك يبقى مصونا من هجوم الشُّبهات .
إنّ عالِم التّاريخ لا يساوره يأس في أقسى الظروف السياسيّة والاجتماعيّة ، ولا ينشدّ إلى آمال واهية في أكثر الظروف رخاء ، لأنّه على علم بسنن تحوّل التّاريخ ۲ .
وإنّ عالِم التّاريخ لا يفقد صوابه في الأحداث التاريخيّة الجسيمة ؛ لأنّه على معرفة بأسبابها وعواملها ، ويتوقّع حدوثها عند توفُّر ظروفها ۳ .

1.راجع : ص ۱۲۰ ح ۱۳۸۱ .

2.راجع : ص ۱۳۵ (ثبات قوانين التّاريخ) .

3.راجع : ص ۱۳۹ (أسباب التحوّلات التاريخيّة) .

الصفحه من 80