الأسرة (تفصیلی) - الصفحه 76

أبوبَكرٍ وعُمَرُ ، فَقالا : ما وَراءَك يا أبَا الحَسَنِ ؟ فَقُلتُ : يُزَوِّجُني رَسولُ اللّهِ فاطِمَةَ ، وأخبَرَني أنَّ اللّهَ قَد زَوَّجَنيها ، وهذا رَسولُ اللّهِ خارِجٌ في أثَري لِيَذكُرَ بِحَضرَةِ النّاس . فَفَرِحا وسُرّا ، ودَخَلا مَعِيَ المَسجِدَ .
قالَ عَلِيٌّ عليه السلام : فَوَاللّهِ ما تَوَسَّطناهُ حَتّى لَحِقَ بِنا رَسولُ اللّهِ ، وإنَّ وَجهَهُ لَيَتَهَلَّلُ فَرَحا وسُرورا . فَقالَ صلى الله عليه و آله أينُ بِلالٌ ؟ فَأَجابَ : لَبَّيكَ وسَعدَيكَ يا رَسولَ اللّهِ . ثُمَّ قالَ : أينَ المِقدادُ ؟ فَأَجابَ : لَبَّيكَ يا رَسولَ اللّهِ . ثُمَّ قالَ : أينَ سَلمانُ ؟ فَأَجابَ : لَبَّيكَ يا رَسولَ اللّهِ . ثُمَّ قالَ : أينَ أبوذَرٍّ ؟ فَأَجابَ : لَبَّيكَ يا رَسولَ اللّهِ ، فَلَمّا مَثَلوا بَينَ يَدَيهِ قالَ : اِنطَلِقوا بِأَجمَعِكُم ، فَقوموا في جَنَباتِ المَدينَةِ ، وَاجمَعُوا المُهاجِرينَ وَالأَنصارَ وَالمُسلِمينَ .
فَانطَلَقوا لِأَمرِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأقبَلَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله فَجَلَسَ عَلى أعلى دَرَجَةٍ مِن مِنبَرِهِ ، فَلمَّا حَشَدَ المَسجِدُ بِأَهلِهِ قامَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وقالَ :
الحَمدُ للّهِِ الَّذي رَفَعَ السَّماءَ فَبَناها ، وبَسَطَ الأَرضَ فَدَحاها 1 ، وأثبَتَها بِالجِبالِ فَأَرساها ، وأخرَجَ مِنها ماءَها ومَرعاها ، الَّذي تَعاظَمَ عَن صِفاتِ الواصِفينَ ، وتَجَلَّلَ عَن تَحبيرِ لُغاتِ النّاطِقينَ ، وجَعَلَ الجَنَّةَ ثَوابَ المُتَّقينَ ، وَالنّارَ عِقابَ الظّالمينَ ، وجَعَلَني رَحمَةً لِلمُؤمِنينَ ، ونِقمَةً عَلَى الكافِرينَ .
عِبادَ اللّهِ ! إنَّكُم في دارِ أمَلٍ ، بَينَ حَياةٍ وأجَلٍ ، وصِحَّةٍ وعِلَلٍ ، دارِ زَوالٍ ، وتَقَلُّبِ أحوالٍ ، جُعِلَت سَبَبا لِلاِرتِحالِ ، فَرَحِمَ اللّهُ امَرأً قَصَّرَ مِن أمَلِهِ ، وجَدَّ في عَمَلِهِ ، وأنفَقَ الفَضلَ مِن مالِهِ ، وأمسَكَ الفَضلَ مِن قوتِهِ ، فَقَدَّمَهُ لِيَومِ فاقَتِهِ ، يَومٌ تُحشَرُ فيهِ الأَمواتُ ، وتَخشَعُ فيهِ الأَصواتُ ، وتُنكَرُ الأَولادُ والاُمَّهاتُ ، «وَ تَرَى النَّاسَ سُكَارَى

1.دَحاها : أي بَسَطها ، ودحو الأرض : أي بسطها من تحت الكعبة (مجمع البحرين : ج ۱ ص ۵۸۰ «دحا») .

الصفحه من 255