الأذان (تفصیلی) - الصفحه 22

صرّحوا بتكذيب الروايات والأخبار التي تجعل الرؤيا مصدرا لتشريع الأذان ، وعدّوها منافية للإيمان بالنبوّة ، وإذا لم يكن ثمّة دليل على إثبات عدم صحّة تلك الروايات ووضعها ، فإنّ نفي أهل البيت عليهم السلام لها يكفي في المقام ؛ لأنّ «أهل البيت أدرى بما في البيت» . ولا يقتصر ردّها ونفيها على أهل البيت عليهم السلام وحدهم ، بل يتعدّى ذلك إلى أشخاص آخرين ؛ مثل محمّد بن الحنفيّة الّذي صرّح ببطلانها .
روى برهان الدين الحلبيّ عن أبي العلاء ، قال :
قلت لمحمّد بن الحنفيّة : إنّا لنتحدّث أنّ بدء هذا الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه . ففزع لذلك محمّد بن الحنفيّة فزعا شديدا ، وقال : عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم فزعمتم أنّه إنّما كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه تحتمل الصدق والكذب ، وقد تكون أضغاث أحلام؟! قال : فقلت له : هذا الحديث قد استفاض في الناس؟ قال : هذا واللّه هو الباطل ... . ۱

4 . وجوه اُخرى

إنّ الّذي ذكرناه من نقد مضمون الروايات التي تقول : إنّ بدء تشريع الأذان لم يستند إلى الوحي ، يكفي لإثبات عدم اعتبارها ، غير أنّه ذُكرت بعض الوجوه الاُخرى لإثبات هذا المدّعى ، مثل : التعارض الجوهريّ في مضمون هذه الروايات ، وعدد الذين يدّعون الرؤيا ۲ ، وتعارضها مع نقل البخاري وغيره ۳ .
بناءً على ذلك ، فلو فرضنا أنّ أسانيد هذه الروايات صحيحة اصطلاحا ، فليس ثَمّة أدنى ريب في رفضها وردّها ؛ ذلك لأنّ مضمونها لا يتوافق مع العقل السليم ،

1.. السيرة الحلبيّة : ج ۲ ص ۹۶ .

2.. نُقل أن الّذين ادّعوا الرؤيا أربعة عشر شخصا (راجع : السيرة الحلبيّة : ج ۲ ص ۹۶) .

3.. راجع : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف : ص ۱۳۵ ـ ۱۳۹ .

الصفحه من 80