الإخاء (تفصیلی) - الصفحه 8

في مناخ مثقل بهذه المؤثّرات ، نزلت آية الاُخوّة :
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» . ۱
حيث بادر رسول اللّه صلى الله عليه و آله مستلهماً الوحي الإلهي ، وبصفته سياسياً متضلّعاً وقائداً محنّكاً ؛ إلى طرح ميثاق الإخاء الديني بين المسلمين مجدّداً ، فآخى بين المهاجرين والأنصار ، ووظّف معطيات هذا المبدأ الربّاني في نَسج الوحدة السياسية والمعنوية في المجتمع الجديد ، فتغلّب على معضلة الاختلافات الداخلية عن هذا السبيل ، وأرسى دعائم أوّل حكومة إسلامية ورسّخ بُناها التكوينية من خلال حالة الانسجام والوحدة التي نشأت في مقابل أعداء الإسلام ، إثر ترسيخ مبدأ الإخاء الديني .
يحدّثنا التاريخ عن المشهد الذي انبلج فيه ميثاق الإخاء الديني ، وهو يسجّل بأنّ النبيّ المصطفى صلى الله عليه و آله لمّا قدم المدينة جمع المسلمين يوماً ، والتفت إليهم مخاطباً :
تَآخَوا فِي اللّهِ أخوَينِ أخوَينِ . ۲
ثمّ قدّم لنا سجلّ السيرة النبوية ومصادر التاريخ الإسلامي ثبتاً بمن آخى النبيّ بينهم وتآخوا ، بيدَ أنّ الانتخاب الأروع في هذا المشهد هو اختيار النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله للإمام عليّ عليه السلام ، أخاً له ، حيث أخذ بيده أمام الملأ وقال :
أنتَ أخي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . ۳
تفيد النصوص التاريخية والحديثية أنّ من آثار هذه الخطوة في الإخاء الديني ، توارث المسلمين المتآخين بعضهم لبعض ، حتّى إذا ما قويت شوكة الإسلام وصلب عوده ، نسخ هذا الحكم وانقطعت المؤاخاة في الميراث . ۴

1.. الحجرات : ۱۰ .

2.راجع : ص ۴۰۷ ح ۷۴۶ .

3.راجع: ص ۴۰۵ ح ۷۴۱ و۷۴۳ وص۴۰۹ ح۷۵۱ وص ۴۱۱ ح۷۵۵ و ص۴۱۲ ح۷۵۶ و۷۵۷ وص۴۱۳ ح۷۵۹.

4.راجع : ص ۴۰۶ ح ۷۴۴ .

الصفحه من 98