فيها الثقل الإضافيّ وترتّب القضاء الفصل عليه ؛ بمعنى أنّ ظاهرها أنّ الحسنات توجب ثقل الميزان والسيّئات خفّة الميزان ، لا أن توزن الحسنات فيؤخذ ما لها من الثقل ثمّ السيّئات ويؤخذ ما لها من الثقل ثمّ يقايس الثقلان فأيّهما كان أكثر كان القضاء له ، فإن كان الثقل للحسنة كان القضاء بِالجنّة وإن كان للسيّئة كان القضاء بِالنار ، ولازم ذلك صحّة فرض أن يتعادل الثقلان كما في الموازين الدائرة بيننا من ذي الكفّتين والقبّان وغيرهما .
لا ، بل ظاهر الآيات أنّ الحسنة تظهر ثقلاً في الميزان والسيّئة خفّة فيه ، كما هو ظاهر قوله : (فمَنْ ثَقُلَتْ مَوازينُهُ فاُولئكَ هُمُ المُفْلِحونَ * ومَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فاُولئكَ الّذِينَ خَسِروا أنفُسَهُمْ بِما كانُوا بآياتِنا يَظْلِمونَ) ، ونظيره قوله تعالى : (فمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فأُولئكَ هُمُ المُفْلِحونَ * ومَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فاُولئكَ الّذِينَ خَسِروا أنفُسَهُم في جَهَنَّمَ خالِدونَ)۱ ، وقوله تعالى : (فأمّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ * فَهُوَ في عِيشَةٍ راضِيَةٍ * وأمّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ * فأُمُّهُ هاوِيَةٌ * وما أدْراكَ ماهِيَهْ * نارٌ حامِيَةٌ)۲ ، فالآيات - كما ترى - تثبت الثقل في جانب الحسنات دائماً والخفّة في جانب السيّئات دائماً .
ومن هناك يتأيّد في النظر أنّ هناك أمراً آخر تقايس به الأعمال والثقل له ، فما كان منها حسنة انطبق عليه ووزن به وهو ثقل الميزان ، وما كان منها سيّئة لم ينطبق عليه ولم يوزن به وهو خفّة الميزان ، كما نشاهده فيما عندنا من الموازين ؛ فإنّ فيها مقياساً - وهو الواحد من الثقل كالمثقال - يوضع في إحدى الكفّتين ، ثمّ يوضع المتاع في الكفّة الاُخرى ، فإن عادل المثقال وزناً بوجه على ما يدلّ عليه الميزان أخذ به وإلّا فهو الترك لا محالة . والمثقال في الحقيقة هو الميزان الذي يوزن به ، وأمّا القبّان وذو الكفّتين ونظائرهما فهي مقدّمة لما