الهجرة - الصفحه 9

بايَعتُموهُ كُنتُم مُلوكَ العَرَبِ والعَجَمِ ، ثُمّ بُعِثتُم بَعدَ مَوتِكُم فجُعِلَ لَكُم جِنانٌ كجِنانِ الأرضِ ، وإن لَم تَفعَلوا كانَ لَكُم مِنهُ الذَّبحُ ثُمّ بُعِثتُم بَعدَ مَوتِكُم فجُعِلَت لَكُم نارٌ تُحرَقونَ بِها . فخَرَجَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فأخَذَ حَفنَةً۱ مِن تُرابٍ ، ثُمّ قالَ : نَعَم أنا أقولُ ذلكَ ، فنَثَرَ التُّرابَ على‏ رؤوسِهِم وهُو يَقرأ (يس - إلى‏ قولِهِ : - وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِم سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِم سَدّاً فأغْشَيْناهُمْ فَهُم لا يُبصِرونَ)۲ ، فلَم يَبقَ مِنهُم رجُلٌ وَضَعَ على‏ رأسِهِ التُّرابَ إلّا قُتِلَ يَومَ بَدرٍ ، ثُمّ انصَرَفَ إلى‏ حَيثُ أرادَ ، فأتاهُم آتٍ لَم يَكُن مَعَهُم فقالَ : ما تَنتَظِرونَ ههُنا ؟ قالوا : محمّداً ، قالَ : قَد واللَّهِ خَرَجَ محمّدٌ علَيكُم ثُمّ ما تَرَكَ مِنكُم رجُلاً إلّا وقد وَضَعَ على‏ رأسِهِ التُّرابَ وانطلَقَ لِحاجَتِهِ ، فوَضَعَ كلُّ رجُلٍ مِنهُم يَدَهُ على‏ رأسِهِ فإذا علَيهِ التُّرابُ . ثُمّ جَعَلوا يَطَّلِعونَ فيَرَونَ عليّاً علَى الفِراشِ مُتَّشِحاً۳ بِبُردِ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فيَقولونَ : إنّ هذا لَمحمّدٌ نائمٌ عَلَيهِ بُردُهُ ، فلَم يَبرَحوا كذلكَ حتّى‏أصبَحوا، فقامَ عليٌّ مِن الفِراشِ فقالوا : واللَّهِ لَقَد صَدَقَنا الّذي كانَ حَدَّثنا بهِ .۴

۲۱۰۷۴.بحارالأنوار : أوردَ الغزاليُّ في كتابِ إحياء العلوم أنّ ليلةَ باتَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام على‏ فِراشِ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أوحَى اللَّهُ تعالى‏ إلى‏ جَبرئيلَ وميكائيلَ أنّي آخَيتُ بَينَكُما وجَعَلتُ عُمرَ أحَدِكُما أطوَلَ مِن عُمرِ الآخَرِ ، فأيُّكُما يُؤثِرُ صاحِبَهُ بحَياتِهِ ؟ فاختارَ كُلٌّ مِنهُما الحَياةَ وأحَبّاها ، فأوحَى اللَّهُ تعالى‏ إلَيهِما : أفَلا كُنتُما مِثلَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ ، آخَيتُ بَينَهُ وبَينَ محمّدٍ ، فباتَ على‏ فِراشِهِ يَفديهِ بنَفسِهِ ويُؤثِرُهُ بالحَياةِ ، اهبِطا إلَى الأرضِ فاحفَظاهُ مِن عَدُوِّهِ ، فكانَ جَبرئيلُ عِندَ رأسِهِ ، ومِيكائيلُ عِندَ رِجلَيهِ ، وجَبرئيلُ عليه السلام يُنادي : بَخٍّ بَخٍّ ، مَن مِثلُكَ يابنَ أبي

1.الحفنة : مل‏ء الكفّين (كما في هامش المصدر).

2.يس : ۱ - ۹ .

3.التوشّح بالرداء : أن يدخل الثوب من تحت يده اليمني فيلقيه على منكبه الأيسر كما يفعل المُحرم (لسان العرب : ۲ / ۶۳۳) .

4.بحار الأنوار : ۱۹ / ۳۸ / ۶ .

الصفحه من 18