ورجع عمرو إلى قريش فأخبرهم أنّ جعفر في أرض الحبشة في أكرم كرامة . فلم يزل بها حتّى هادن رسولُ اللَّه صلى اللَّه عليه وآله قريشاً وصالحهم وفتح خيبر ، فوافى بجميع من معه . وولد لجعفر بالحبشة من أسماء بنت عميس عبدُاللَّه بن جعفر ، وولد للنجاشيّ ابن فسمّاه محمداً ، وكانت اُمّ حبيب بنت أبي سفيان تحت عبد اللَّه۱، فكتب رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلَى النجاشيّ يخطب اُمّ حبيب ، فبعث إليها النجاشيّ فخطبها لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله فأجابته ، فزوّجها منه وأصدقها أربعمائة دينار وساقها عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وبعث إليها بثياب وطيب كثير وجهّزها وبعثها إلى رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله ، وبعث إليه بمارية القبطيّة اُمّ إبراهيم ، وبعث إليه بثياب وطيب وفرس ، وبعث ثلاثين رجلاً من القسّيسين ، فقال لهم : انظروا إلى كلامه وإلى مقعده ومشربه ومصلّاه . فلمّا وافوا المدينة دعاهم رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله إلَى الإسلام وقرأ عليهم القرآن (إذْ قالَ اللَّهُ يا عيسَى بنَ مَرْيَمَ اذكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وعلى والِدَتِكَ - إلى قوله : - فقالَ الَّذينَ كَفَروا مِنْهُم إنْ هذا إلّا سِحْرٌ مُبينٌ)۲ . فلمّا سمعوا ذلك من رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله بكوا وآمنوا ورجعوا إلَى النجاشيّ فأخبروه خبر رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وقرأوا عليه ماقرأ عليهم ، فبكَى النجاشيّ وبكَى القسّيسون ، وأسلم النجاشيّ ولم يظهر للحبشة إسلامه وخافهم على نفسه . وخرج من بلاد الحبشة إلَى النبيّ صلى اللَّه عليه وآله فلمّا عبر البحر توفّي فأنزل اللَّه على رسوله : (لَتَجِدَنَّ أشَدَّ النّاسِ عَداوَةً للّذينَ آمَنوا اليَهودَ - إلى قوله : - وذلكَ جَزاءُ المُحْسِنينَ) .۳
الحديث :
۲۱۰۶۷.الطبقات الكبرى عن الزّهريّ : لمّا كَثُرَ المسلِمونَ وظَهَرَ الإيمانُ وتُحِدِّثَ به ثارَ ناسٌ كثيرٌ مِن المُشرِكينَ مِن كُفّارِ قُرَيشٍ بِمَن آمَنَ مِن قَبائلِهِم فعَذَّبوهُم وسَجَنوهُم وأرادوا فِتنَتَهُم عن دِينِهِم ،
1.وهي اُمّ حبيبة رملة بنت أبي سفيان ، هاجرت مع زوجها عبداللَّه ابن جحش إلى الحبشة ، ثمّ تنصّر عبد اللَّه هنالك ومات علَى النصرانيّة وثبتت اُمّ حبيبة على دينها الإسلام ، ثمّ تزوّجها رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله (كما في هامش المصدر).
2.المائدة : ۱۱۰ .
3.تفسير القمّي : ۱ / ۱۷۶ .