67
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

وذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا ، واحتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوا بآرائهم ، واتّهموا بمأثور الخبر ممّا استحسنوا ، يقتحمون في أغمار الشبهات ، ودياجير الظلمات ، بغير قبس نور من الكتاب ، ولا إثْرة علم من مظانّ العلم بتحذير مُثبِّطين ، زعموا أنّهم على الرُّشد من غيّهم .
وإلى مَنْ يفزع خلف هذه الأمَّة ؟ وقد دَرَسَتْ أعلام الملّة ، ودانت الأُمة بالفُرقة والاختلاف ، يكفّر بعضهم بعضا ، واللّه تعالى يقول : « وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِنم بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ الْبَيِّنَـتُ » .۱
فَمَن الموثوقُ به على إبلاغ الحجّة ، وتأويل الحكمة ، إلاّ أهلُ الكتاب ، وأبناء أئمّة الهدى ومصابيح الدُّجى ، الّذين احتج اللّه بهم على عباده ، ولم يدع الخلق سُدَىً من غير حجة ، هل تعرفوهم أو تجدونهم ، إلاّ من فروع الشجرة المباركة ، وبقايا صفوة الّذين أذهب اللّه عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا ، وَبرَّأهُم من الآفات ، وافترض ۲ مودّتهم بالكتاب :

هم العروة الوثقى وهم معدن التّقىوخير حبال العالمين وثيقها۳
أقول : من أخبار نبيّ الإسلام صلى الله عليه و آله الغيبيّة الّذي نطق به هذا الكلام ، رواه جميع علماء السنة والشيعة : «ستفترق اُمّتي على ثلاث وسبعين فرقة ، وإنّ منهم فرقةً ناجية ، والباقون في النار» ۴ .

1.آل عمران : ۱۰۵ .

2.في نسخةٍ : «اقترن» .

3.الصحيفة السجادية ، دعاء ۲۱۹ ؛ كشف الغمة ، ج۲ ، ص۳۱۰ ؛ بحار الأنوار ، ج۲۷ ، ص۱۹۳.

4.راجع : الخصال ، ص۵۸۵ ؛ كفاية الأثر ، ص۱۵۵ ؛ نهج الحق ، ص۳۳۱ ؛ سنن الدارمي ، ج۲ ، ص۲۴۱ ؛ سنن أبي داوود ، ج۲ ، ص۳۹۰ . وبقيّة الحديث : فقال عليّ عليه السلام : يا رسول اللّه ، ومَن الفرقة الناجية؟ فقال عليه السلام : ما أنت عليه وأصحابك . أُنظر عوالي اللئالي العزيزية ، الأحسائي ، ج ۴ ، ص ۶۵ ، ط قم ، قال محقّقه : رواه العلاّمة في نهج الحق في المطلب الخامس فيما رواه الجمهور في حق الصحابة ، فقال ما لفظه : وقد روى الحديث الحافظ محمّد بن موسى الشيرازي في كتابه الّذي استخرجه من التفاسير الإثني عشر ، مثل تفسير أبي سوف يعقوب بن سليمان ، وتفسير بن جريح ، وتفسير مقاتل بن سليمان ، وتفسير وكيع بن جرّاح ، وتفسير يوسف بن موسى القطّان ، وتفسير قتادة ، وتفسير أبي عبد اللّه القاسم بن سلام ، وتفسير عليّ بن حرب الطائي ، وتفسير السُّدي ، وتفسير مجاهد ، وتفسير أبي صالح .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
66

إِلَيْكَ وَ مَا وَصَّيْنَا بِهِ ى إِبْرَ هِيمَ وَ مُوسَى وَ عِيسَى » . 1
فقد علمنا وبلغنا ما علمنا ، واستودعنا علمهم ، ونحن ورثة الأنبياء ، ونحن ذرّية أُولي العلم ، أن أقيموا الدين بآل محمّد صلى الله عليه و آله ، ولا تتفرّقوا فيه ، وكونوا على جماعتكم 2 كبر على المشركين بولاية عليّ بن أبي طالب ما تدعوهم إليه من ولاية عليّ . إنّ اللّه يا محمّد ، يجتبي إليه من يشاء ، ويهدي إليه مَن ينيب ، ويجيبك إلى ولاية عليّ بن أبي طالب . 3

(ومن كلام له عليه السلام)

(في اختلاف المذاهب بعد النبي صلى الله عليه و آله)

۰.قال عليه السلام : وقد انتحلت طوائف من هذه الأمّة بعد مفارقتها أئمة الدين ، وشجرة النبوّة ، إخلاص الديانة ، وأخذوا أنفسهم في مخائل الرهبانيّة ، وتغالوا في العلوم ، ووصفوا الإسلام ۴ بأحسن صفاتهم ، وتحلّوا بأحسن السُنّة ، حتّى إذا طال عليهم الأمد ، وبعدت عليهم الشُقّة ، وامتحنوا بمحن الصادقين ، رجعوا على أعقابهم ناكصين عن سبيل الهدى وعلم النجاة ، يتفسّخون تحت أعباء الديّانة تفسّخ حاشية الإبل تحت أوراق ۵ البُزْل .

ولا تَحرزوا السبق الرّزايا۶وإنْ جرتولا يبلغ الغايات إلاّ سُبوقها

1.الشورى : ۱۳ .

2.في نسخةٍ : «جملتكم» .

3.الكافي، ج۱،ص۲۲۳؛ تفسير فرات الكوفي، ص۲۸۳؛ تفسير القمّي، ج۲،ص۱۰۴؛ بصائر الدرجات،ص۱۱۸؛ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهرآشوب ، ج۳ ، ص۲۹۸ ؛ بحار الأنوار ، ج۲۶ ، ص۱۴۲ ، نقلاً عن البصائر .

4.في نسخة : «الإيمان» .

5.«الأوراق» ـ جمع الورق ـ : الحيّ من كلّ حيوان ، و«البُزل» ـ جمع البازل ـ : البعير الّذي انشقّ نابه بدخوله في السنة التاسعة .

6.في بعض النسخ : «الرزاح» .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227411
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي