251
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

لمُحسننا ضعفَيْن من الأجر ، ولمسيئنا ضعفَيْن من العذاب . ۱

۳۵۹.وقال عليه السلام :لمّا وَفَدْنا على يزيد بن معاوية ، أتونا بحبال وربّقونا ۲ مثل الأغنام ، وكان الحبل بعنقي وعنق أُمّ كلثوم ، وبكتف زينب وسكينة والبنات ويساقونا ، وكلّما قصرنا عن المشي ضربونا حتّى أوقفونا بين يَدي يزيد ، فتقدّمتُ إليه وهو على سرير مُلكه ، فقلت : أنشدك اللّه يايزيد ، ما ظنّك برسول اللّه صلى الله عليه و آله لو رآنا على هذه الحالة؟
ثُمَّ أمرَ يزيد بالحبال فقُطّعت ، فكان رأس أبي أمامهُ والنساء من خلفه .
فقلت له : أتأذن لي بالكلام ؟ فقال : قل ولا تقل هجرا . فقال : لقد وقفت موقفا لا ينبغي لمثلي أن يقول الهجر ۳ . ۴

۳۶۰.وعن أبي جعفر عليه السلام قال :لمّا قُتل الحسين عليه السلام أرسل محمّد بن الحنفية إلى علي بن الحسين عليهماالسلام فخلا به ، فقال : يابن أخي قد علمت أن رسول اللّه صلى الله عليه و آلهدفع الوصية والإمامة من بعده إلى أمير المؤمنين عليه السلام ، ثُمَّ عد باقي الأئمّة عليهم السلام ، فلا تنازعني في الوصية والإمامة ولا تُحاجّني .
فقال عليه السلام : ياعمّ ، اتقِ اللّه ولا تدّعي ـ تدّع ـ ما ليس لك بحقّ ، إنّي أعظُك أن تكون من الجاهلين ، إنّ أبي ـ صلوات اللّه عليه ـ ياعم أوصى إليَّ قبل أن يتوجه إلى العراق ، وعَهَدَ إليَّ في ذلك قبل أن يستشهد بساعة ، وهذا سلاح رسول اللّه صلى الله عليه و آلهعندي ، فلا تتعرض لهذا فإنّي أخاف عليك نقص العُمر ، وتشتّت الحال . ۵

1.مجمع البيان ، ج ۸ ، ص ۱۵۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲۲ ، ص ۱۷۵ .

2.في بعض المصادر : «ربطونا» .

3.«الهُجْرُ» ـ بالضم ـ : الكلام القبيح ، الفحش في المنطق . وليس هذا ببعيد من يزيد الفاسق الكافر أن ينسب إلى الإمام المعصوم الطاهر ، حجة اللّه على خلقه ، هذا الكلام السيئ والجسارة الوقحة ، ومن قَبل قد نُسب هذا إلى جده الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله بمحضر منه ، ردا على اللّه وجرأةً عليه ، إذ يقول في كتابه الكريم : « وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْىٌ يُوحَى » .

4.المنتخب ، الطريحي ، ص ۴۸۷ ؛ الدمعة الساكبة ، ج ۵ ، ص ۱۰۲.

5.في نسخة : «شتات الأمر» .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
250

۳۵۷.ولمّا التفت ابن زياد إليه عليه السلام فقال :مَن هذا؟ فقيل : عليّ بن الحسين . فقال : أليس قد قتل اللّه عليّ بن الحسين؟
فقال عليه السلام : قد كان لي أخٌ يقال له : «عليّ بن الحسين» قتله النّاس . فقال : بل قتله اللّه .
وفي رواية : قال : كان لي أخ يسمّى عليّ ، فقتله النّاس ، أو «قد قُتل» . فقال : إن اللّه قتله .
فقال عليه السلام : « اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَ الَّتِى لَمْ تَمُتْ فِى مَنَامِهَا » .۱
فقال ابن زياد : ألَكَ جرأة على جوابي ! اذهبوا به فاضربوا عنقه .
فسمعت به عمته زينب الكبرى ، فقالت : «يابن زياد ، إنّكَ لم تبقِ منّا أحدا ، فإن كنت عزمت على قتله فاقتلني معه» ، فكفَّ عنه . ۲
فقال عليه السلام لعمته : اُسكتي ياعمّتي حتّى أُكلّمه ، ثُمَّ أقبل عليه السلام على ابن زياد : أبالقتل تهدّدني يابن زياد ؟! أما علمت إنّ القتل لنا عادة ، وكرامتنا الشهادة . ۳

۳۵۸.وقال له عليه السلام رجل :إنكم أهل بيت مغفور لكم . فغضب عليه السلام فقال :
إن اللّه تعالى يقول : « يَـنِسَآءَ النَّبِىِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَـحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَـعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ » ـ إلى قوله ـ : « نُّؤْتِهَآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ »۴ . ثُمَّ قال عليه السلام : نحن أحرى أن يجري فينا ما أجرى اللّه في أزواج النبي صلى الله عليه و آله ، من أن نكون كما تقول . إنّا نرى

1.الزمر : ۴۲.

2.هناك عدة مرّات وقفت هذه الحرة الكريمة ودافعت عن ابن أخيها دفاع الأبطال ، صوناً لأجل حياة إمام عصرها وبقية السلف الماضين ، منها هذه المرة . وثانيها بعد شهادة أخيها أبي الشهداء عليه السلام وأصحابه لمّا هجموا الأعداء خيمتها ، واراد الطاغي شمر بن ذي الجوشن ـ عليه لعائن اللّه ـ أن يقتل ابن أخيها . أقبلت إليه وأهوت عليه وقالت : «واللّه لا يُقتل حتّى اُقتل دونه» ، فَكفّوا عنها ، كما في مقتل الحسين عليه السلام ، ج ۲ ، ص ۳۸ ، ط النجف ؛ نفس المهموم ، القمّي ، ص ۲۰۵ .

3.الفتوح ، ج ۱ ، ص ۲۲۹ ؛ العوالم الإمام الحسين عليه السلام ، ص ۳۸۴ .

4.الأحزاب : ۳۱ و ۳۲ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 237709
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي