381
ميزان الحکمه المجلّد التّاسع

تَخُنْ ، وإن كُذِّبتَ فلا تَغضَبْ ، وإن مُدِحتَ فلا تَفرَحْ ، وإن ذُمِمتَ فلا تَجزَعْ ، وفَكِّرْ فيما قيلَ فيكَ ، فإن عَرَفتَ مِن نَفسِكَ ما قيلَ فيكَ فسُقوطُكَ مِن عَينِ اللَّهِ جلَّ وعَزَّ عِندَ غَضَبِكَ مِن الحَقِّ أعظَمُ علَيكَ مُصيبَةً مِمّا خِفتَ مِن سُقوطِكَ مِن أعيُنِ النّاسِ ، وإن كُنتَ على‏ خِلافِ ما قِيلَ فِيكَ فثَوابٌ اكتَسَبتَهُ مِن غَيرِ أنْ يَتعَبَ بَدَنُكَ .
واعلَمْ بأنّكَ لا تَكونُ لَنا وَليّاً حتّى‏ لَوِ اجتَمعَ علَيكَ أهلُ مِصرِكَ وقالوا : إنّكَ رجُلُ سَوءٍ لَم يَحزُنْكَ ذلكَ ، ولو قالوا : إنّكَ رجُلٌ صالِحٌ لَم يَسُرَّكَ ذلكَ ، ولكنِ اعرِضْ نَفسَكَ على‏ كِتابِ اللَّهِ ؛ فإن كُنتَ سالِكاً سَبيلَهُ ، زاهِداً في تَزهيدِهِ ، راغِباً في تَرغيبِهِ ، خائفاً مِن تَخويفِهِ ، فاثبُتْ وأبشِرْ ؛ فإنّهُ لا يَضُرُّكَ ما قِيلَ فِيكَ ، وإن كُنتَ مُبائناً لِلقُرآنِ فماذا الّذي يَغُرُّكَ مِن نَفسِكَ ؟! إنّ المُؤمنَ مَعنِيٌّ بمُجاهَدَةِ نَفسِهِ ليَغلِبَها على‏ هَواها ، فمَرّةً يُقيمُ أوَدَها۱ ويُخالِفُ هَواها في مَحَبَّةِ اللَّهِ ، ومَرّةً تَصرَعُهُ نَفسُهُ فَيَتَّبِعُ هَواها فيَنعَشُهُ اللَّهُ فيَنتَعِشُ‏۲، ويُقيلُ اللَّهُ عَثرَتَهُ فيَتَذَكَّرُ ، ويَفزَعُ إلَى التَّوبَةِ والمَخافَةِ فيَزدادُ بَصيرَةً ومَعرِفَةً لِما زِيدَ فيهِ مِن الخَوفِ ، وذلكَ بأنّ اللَّهَ يَقولُ : (إنّ الّذِينَ اتَّقَوا إذا مَسَّهُمْ طائفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فإذا هُمْ مُبْصِرونَ) .۳
يا جابِرُ ، استَكثِرْ لنَفسِكَ مِن اللَّهِ قَليلَ الرِّزقِ تَخَلُّصاً إلَى الشُّكرِ ، واستَقلِلْ مِن نَفسِكَ كَثيرَ الطّاعَةِ للَّهِ إزراءً علَى النَّفسِ‏۴وتَعَرُّضاً للعَفوِ ، وادفَعْ عَن نَفسِكَ حاضِرَ الشَّرِّ بحاضِرِ العِلمِ ، واستَعمِلْ حاضِرَ العِلمِ بخالِصِ العَمَلِ ، وتَحَرَّزْ في خالِصِ العَمَلِ مِن عَظيمِ الغَفلَةِ بِشِدَّةِ التَّيقُّظِ ، واستَجلِبْ شِدَّةِ التَّيقُّظِ بصِدقِ الخَوفِ ، واحذَرْ

1.الأوَد - محرّكة - : العِوَج (النهاية : ۱/۷۹) .

2.نعشه اللَّه : رفعه، أقامه تُنعش الضعيف : تقوّيه وتقيمه (مجمع البحرين : ۳/۱۸۰۲) .

3.الأعراف : ۲۰۰ . والطائف: هو ما كان كالخيال والشي‏ء يُلمّ بك (لسان العرب : ۹/۲۲۵) .

4.أزرى على النفس : عابها وعابتها. ويحتمل أن يكون: إزدراء - من باب الافتعال - اى احتقاراً واستخفافاً . (هامش المصدر) (راجع النهاية : ۲/۳۰۲) .


ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
380

المُبِيرَةَ - وهِيَ الحالِقَةُ لِلدِّينِ - فَسادُ ذاتِ البَينِ» ولا قُوّةَ إلّا باللَّهِ .۱

۲۱۷۶۵.عنه عليه السلام- في وَصِيَّتِهِ لابنِهِ الحَسَنِ عليه السلام -: اُوصِيكَ بتَقوَى اللَّهِ ، وإقامِ الصَّلاةِ ... واُوصِيكَ بمَغفِرَةِ الذَّنبِ ، وكَظمِ الغَيظِ ، وصِلَةِ الرَّحِمِ ، والحِلمِ عِندَ الجاهِلِ ، والتَّفَقُّهِ في الدِّينِ ، والتَّثَبُّتِ في الأمرِ ، والتّعهُّدِ لِلقُرآنِ ، وحُسنِ الجِوارِ ، والأمرِ بِالمَعروفِ ، والنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ ، واجتِنابِ الفَواحِشِ كُلِّها في كُلِّ ما عُصِيَ اللَّهُ فيهِ .۲

(انظر) النجاة: باب 3798 حديث 20133.
بحار الأنوار : 78 / 98 باب 18 .

4019 - وَصايا الإمامِ زَينِ العابِدينَ عليه السلام‏

۲۱۷۶۶.الإمامُ زينُ العابدينَ عليه السلام- وقد ضَمَّ ابنَهُ الباقِرَ عليه السلام إلى‏ صَدرِهِ لَمّا حَضرَهُ المَوتُ -: يا بُنَيَّ اُوصِيكَ بما أوصاني بهِ أبي عليه السلام حِينَ حَضَرَتهُ الوَفاةُ ، وبِما ذَكرَ أنّ أباهُ أوصاهُ بهِ ، قالَ : يا بُنَيَّ ، إيّاكَ وظُلمَ مَن لا يَجِدُ علَيكَ ناصِراً إلّا اللَّهَ .۳

۲۱۷۶۷.عنه عليه السلام : خَفِ اللَّهَ تعالى‏ لِقُدرَتِهِ علَيكَ ، واستَحيِ مِنهُ لِقُربِهِ مِنكَ .
لا تُعادِيَنَّ أحَداً وإن ظَنَنتَ أنّهُ لا يَضُرُّكَ ، ولا تَزهَدَنَّ في صَداقَةِ أحَدٍ وإن ظَنَنتَ أنّهُ لا يَنفَعُكَ ؛ فإنّكَ لا تَدري مَتى‏ تَرجو صَديقَكَ ، ولا تَدري مَتى‏ تَخافُ عَدُوَّكَ ، ولا يَعتَذِرْ إلَيكَ أحَدٌ إلّا قَبِلتَ عُذرَهُ . وإن عَلِمتَ أنّهُ كاذِبٌ ، وَلْيَقِلَّ عَيبُ النّاسِ على‏ لِسانِكَ .۴

(انظر) الموعظة : باب 4065 .
بحار الأنوار : 78 / 128 باب 21 .

4020 - وصايا الإمامِ الباقِرِ عليه السلام‏

۲۱۷۶۸.الإمام الباقر عليه السلام- لجابِرِ بنِ يَزيدَ الجُعفيِ‏۵-: اُوصِيكَ بخَمسٍ : إن ظُلِمتَ فلا تَظلِمْ ، وإن خانُوكَ فلا

1.تحف العقول : ۱۹۷ .

2.تحف العقول : ۲۲۲ .

3.الكافي : ۲/۳۳۱/۵ .

4.الدرّة الباهرة : ۲۶ .

5.الجُعفيّ - زنة الكرسيّ - : نسبة إلى‏ جُعف بن سعد العشيرة بن مِذحج أبي حيّ باليمن . وهو جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد يغوت الجُعفيّ من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلام وخدم الإمام أباجعفر عليه السلام سنين متوالية، مات رحمه‏اللَّه في أيّام الصادق عليه السلام سنة ثمان وعشرين ومائة. (كما في هامش المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
عدد المشاهدين : 145871
الصفحه من 643
طباعه  ارسل الي