أخبار الزينبات - الصفحه 30

جثمان السيّدة في مصر

لم أقصد بوضعي هذه الرسالة الّتي تضمّنت كثيراً من أخبار هذه البضعة النبويّة إقامة الحجّة على مَن يستبعد وجود جثمانها الشريف في مصر ، وخاصّة في هذا الموضع الّذي تزار به الآن ؛ إذ التواريخ لم ترو لنا ذلك ، ولم يرد فيها تفاصيل ثابتة تؤِِِيد هذا القول ، ورواية أهل الكشف في هذا الخصوص تتعلّق بشخصيّاتهم ؛ إذ هي من قبيل المشاهدات الروحيّة ، وليس لها في بحثنا هذا مجال ، والمقصود الوقوف مع الحقائق الثابتة المؤِيدة بأدلّة علميّة .
فلهذا كنت قد اعتزمت على أن لا أخوض هذا البحث حيطة من الوقوع فيما لم يرد به نصّ ثابت ، فاقتصرت على ما أوردته من أخبارها الّتي تضمّ بين دفّتيها اُسلوباً من البلاغة العربيّة ، والّتي تمثّل سلسلة فضائل يتّخذ منها اُنموذجاً ترتكز عليه شعور الاُمم الحيّة ، الأمر الّذي جعل هذه السيّدة الطاهرة في مصاف شهيرات النساء .
فلمّا أتممت ما قصدت ، وألممت بما إليه أشرت ، مع ما اندرج في طيّ ذلك من المناسبات بقدر ما وصل إليه علمي خطر لي أن أطرق باب البحث مرّة ثانية لعلّي أصل إلى نتيجة تقضي على هذا الخلاف ، لا سيّما ما هو واقع لبعض معاصرينا ، فعبثاً حاولت وما كنت لأملّ أو أشعر بالملل ، ولي شغف باستجلاء مثل هذه الآثار ، فتماديت في أبحاثي طويلاً ، فأسفرت لي هذه البحوث عن وجود حقائق غامضة لا بدّ وأن يكون وراءها نتائج حسنة ، وعزّزت ذلك بما ظهر لي من تضارب أقوال المؤرخين واضطراباتهم الكثيرة ، فكلّفت نفسي بعناء البحث ، فصادفتني عقبات كثيرة ، وكأنّي بدور الكتب المصريّة الغاصّة بمئات الاُلوف من الكتب والأسفار لم يرق في نظري منها شيئاً ؛ إذ ما أتطلّبه

الصفحه من 91